إشراقة شمس
= 12 =
مظاهرة جامع الروضة و تداعياتها على المجتمع السوري، توثيق ذكريات /1979/
في لقائنا كنت قد استوضحت من أخي رضوان - رحمه الله تعالى - عن جدوى تحركات الطليعة المقاتلة على الأرض، و مدى تحقيقها لأهدافها المنشودة، و مدى تأثر الطغمة الحاكمة آنذاك بما تقوم به الطليعة المقاتلة؟ و مدى وضوح الرؤية لدى أفراد الطليعة فيما يخص مستقبل البلد؟
و قلت: بالنسبة لي منذ أن التحقت بخدمة العلم/13 - 9 -1978/ انقطع إتصالي مع الشباب و لم أعد أعرف شيئا عما يجري على الأرض، و غاية ما هنالك أنني التقيت صدفة في مركز النبك لتجمع العسكريين التقيت بعدنان عقلة و سألته عن أحواله فقال لقد غدوت ملازما في سلاح المشاة، و سألني عن حالي قلت قد تم فرزي إلى سلاح الإشارة، و افترقنا بعدها و لم أعد أعرف عنه شيئا [ كان عدنان عقلة من شباب جامع الروضة و من رموز الطليعة المقاتلة ]
[ إذن هذا الحديث بيني و بين أخي جاء بعد سنتين من تاريخ التحاقي بخدمة العلم و هذا يعني أنني خلال تلك الفترة لم أكن أعلم شيئا عما يجري على الأرض من قصص تخص أحوال الشباب ]
قال أخي رضوان - رحمه الله - : منذ يومين تمكنت الأفرع الأمنية من رصد مكان تواجدنا، و كنا قد وضعنا في الحسبان ما يتوجب علينا فعله إزاء حالة كهذه، و بالفعل حين شعرنا بخطر حقيقي توكلنا على الله و افترقنا على أمل اللقاء وفق خطتنا الموضوعة، و كان أجمل ما في الأمر قبل افتراقنا هو موقف أهل المنطقة التي كنا فيها إذ كانوا يدعون الله لنا بنصر و تثبيت و تمكين، بل و إن بعضهم زودنا بفروات صوف الغنم بحيث إذا شعرنا بخطر ما التحفنا بباطن تلك الفروة و اختبأنا بين الأغنام، و هذا ما حصل فعلا بالنسبة لي حيث أنني قضيت ليلة كاملة بين الأغنام و انطلقت بعدها سيرا على الأقدام بما يقرب من مسافة خمسة عشر كيلومترا حتى وصلت إلى هنا بصحبة بندقيتي [ أشار أخي إلى فروة كانت بجانبه و قال هذه الفروة التي التحفت بها ]
[ دمعت عيناي و أنا أتساءل بيني و بين نفسي مالذي يجعل أخي ابن العز و الكرم أن ينام مع الأغنام سوى ملاحقة عناصر أمن دولة خائبة منحطة لا تحفظ لأبنائها عزة و كرامة ]
انتقل بعدها أخي للحديث عن دور الطليعة المقاتلة و قال بأنها مسالمة في كل ما تخطط له و ذلك خشية منها أن تزل قدمها بدم حرام
قال أخي: أنت تعلم خطب الشيخ موفق سيرجية رحمه الله تعالى في جامع الرحمن، و كيف أن الشيخ موفق استطاع خلال مدة وجيزة من تعميق و تأصيل النظرة الدينية النقية الصافية لدى أهالي حلب و أن يعيدها سيرتها الأولى و هذا ما أزعج النظام الحاكم
باعتبار أن الفكر الديني السوي يخالف توجهات النظام الطائفية و العلمانية و يمكن لهذا الفكر مستقبلا أن يهدد أركان النظام أو أن يطيح به. فالفكر الديني السوي يأبى الظلم و الفساد و الاحتكام إلى غير شريعة الله. قلت له نعم
قال أخي: من هنا بدأت الأفرع الأمنية بإعداد قوائم بأسماء النشطاء من الشباب أصحاب التوجه الديني السوي لتزج بهم في السجون و ليختفي أثرهم بعد ذلك، و أظنك لم تزل تذكر يوم اعتقالي في مظاهرة جامع الروضة و كمية العذاب الذي تلقيته على يد جلاوزة النظام. قلت له نعم
قال أخي: لقد وصف النظام تلك الكوكبة من الشباب المؤمن بصفة الإجرام! فهل ترى فيهم من أحد مجرما بمعنى الإجرام؟! قلت: حاشاهم. قال ألست تعرفهم من خيرة الشباب و أوعاهم و أنبلهم و أنقاهم؟ قلت بلى و الله. قال فبأي حق إذن تصدر فيهم مذكرات اعتقال ؟!!
قال أخي: بأي بحق تصدر مذكرة اعتقال بحق الشاب المهندس وليد عطار و الشيخ موفق سيرجية و زهير زغلوطة و غيرهم كثير، بأي حق تصدر بحق هؤلاء مذكرات اعتقال. طبعا لم يكن لدى الأجهزة الأمنية أية مبرر لاعتقال هؤلاء سوى أنهم توجهوا توجها دينيا سويا
قال أخي : لقد أخذت تلك الكوكبة من الشباب قرارها بعدم الرضوخ للأجهزة الأمنية و توارت عن الأنظار، و ها أنا ذا واحدا منهم ما كان لي أن أستسلم للأجهزة الأمنية التي إن اعتقلتني لن يعلم أهلي عني بعدها شيئا
أيها الأحباب في الورقة القادمة إن شاء الله تعالى أحدثكم عن بقية حديث أخي و ماهية الأعمال الرائعة التي قام بها
- وكتب: يحيى محمد سمونة - حلب. سوريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق