سجود الكائنات:
- ومن العبوديَّة التي تقوم بها الكائنات: عبادة السجود، يقول - تبارك وتعالى: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ". [الحج: ١٨].
- في هذه الآية قرينة واضحة على أنَّ السجود هنا سجود حقيقي، وليس بالمعنى المؤوَّل بأنَّه بالدلالة على الله - سبحانه وتعالى - هذه القرينة هي قوله تعالى: "وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ"، لو كان المقصود التسبيح بمعنى أنَّ من رآها قال: سبحان الله، لقال: والناس أو وكل الناس؛ لأنَّك إذا رأيت أيَّ مخلوق خلقه الله، فيمكن أن تقول: سبحان الله.
- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "إذا قرأ ابنُ آدمَ السَّجدةَ فسجدَ اعتزلَ الشَّيطانُ يبكي يقولُ يا ويلَه أُمرَ ابنُ آدمَ بالسُّجودِ فسجدَ فلَه الجنَّةُ وأمرتُ بالسُّجودِ فأبيتُ فليَ النَّارُ". مسلم
- وقوله: "وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ" هذا يدل على أنَّ المقصود جميع الكائنات؛ لأنَّه ليس هناك كائنات تخرج عن السماء أو الأرض؛ فلذلك هذا كله يسجد سجوداً حقيقيًّا لله - عز وجل - ولذا قال: "وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ". [النحل: ٤٩ - ٥٠]
- هناك خلاف في كيفيَّة هذا السجود، فهناك سجود، وهناك تسبيح، فمثلاً: الطيور تسمعها في وقت الشروق، وفي وقت الغروب، وإذا كان هناك غابة فيها أشجار كثيرة أو بستان أو حديقة تسمع أصوات الطيور في هذين الوقتين بالذات، كأنَّها أوامر مكلفة بها، وحينما تسمع هذا ما يدريك لعلَّ هذا هو تسبيح الطيور؟ لكنَّك لا تفقه منه شيئاً، وكونك لا تفقه لا يسوغ لك أن تنكره. وهكذا الأمواج تسبح، وكل ما خلق الله - سبحانه وتعالى - من الكائنات يسبح الله عز وجل.
الله لا إله إلا هو الحي القيوم
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق