رجال حول الرسول
((خباب بن الأرث))
((أستاذ فن الفداء))
اللهم صل على سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالة والحكمة وعلى اله وصحبه وسلم تسليما
عرج نفر من القريشيين ميممين وجوههم شطر دار (خباب بن الأرث) ليستلموا سيوفهم التي تعاقدوا معه على صنعها٠٠٠ وكان (خباب) سيافا يصنع السيوف ويبيعها لأهل مكة وعلى غير عادتة الذي لايكاد يفارق داره وعمله فجلس النفر من قريش ينتظرونه٠٠٠وبعد حين طويل من الانتظار جاء(خباب)وعلى وجهه علامة استفهام مضيئة وفي عينيه دموع مغتبطة ٠٠وحيا ضيوفه وجلس٠٠ وسألوه هل أتممت صنع السيوف ؟٠٠وجفت دموع ( خباب)وحل مكانها في عينيه سرور متألق وكأنه يناجي نفسه:أن أمره لعجب٠٠وعاد القوم :اي امر يارجل؟ نسالك عن سيوفنا هل أتممت صنعها؟؟ويستوعبهم (خباب ) وهل رايتموه؟ وهل سمعتم كلامه؟؟ وينظر بعضهم لبعض في دهش وعجب٠٠ويعود أحدهم فيساله في خبث:( هل رأيته انت يا خباب؟؟ويسخر (خباب )من مكر صاحبه فيرد عليه السؤال قائلا : من تعني ؟؟ويجيب الرجل في غبط: اعني هذا الذي تعنيه؟؟ويجيب خباب بعد إذ ارآهم أنه ابعد منالا من أن يستدرج في الكلام وأنه ان أعترف بإيمانه الان أمامهم فليس لأنهم خدعوه عن نفسه واستدرجوا لسانه بل لأنه رأى الحق وقرر ان يصدح به ويجهر٠٠يجيبهم قائلا وهو هائم في نشوته وغبطة روحه: أجل رأيته وسمعته٠٠رايت الحق يتفجر من جوانبه والنور يتلألأ بين ثناياه ٠٠!!وبدأ عملاؤه القريشيون يفهمون فصاح به أحدهم:من هذا الذي تتحدث عنه ياعبد أم انمار؟! واجاب (خباب ) في وقار وهدوء القديسين: (ومن سواه يا اخا العرب٠٠من سواه في قومك يتفجر من جوانبه الحق ويخرج النور من ثناياه٠٠؟؟وصاح اخر وقد هب مذعورا: (اراك تعني محمدا٠٠وهز (خباب)رأسه المفعم بالغبطة وقال : نعم هو رسول الله الينا ليخرجنا من الظلمات إلى النور ٠٠ولا يدري (خباب)ماذا قال بعد هذه الكلمات ولا ماذا قيل له٠٠واستغرق (خباب)في تأمل سامي وتفكير عميق ويهيء نفسه لاستقبال تعذيب جديد والآلام جديدة٠٠ ومن ذلك اليوم أخذ (خباب) مكانه العالي بين المعذبين والمضطهدين ٠٠رغم فقره وضعفه يواجه كبرياء قريش بأسرها وعنفها وجنونها٠٠اخذ مكانه بين الذين غرسوا في قلوبهم سارية الراية التي أخذت تخفق في الافق الرحيب ناعية عصر الوثنية والقيصرية٠٠مبشرة بدين جديد يعيد للإنسان كرامته ومبشرة المستضعفين والكادحين الذين سيقفون تحت ظل تلك الراية وفي استبسال عظيم حمل (خباب) تبعاته كرائد في فن التضحية والفداء٠٠
(وصف الشعبي لتعذيب خباب)
(لقد صبر (خباب) ولم تلن له بين أيدي الكفار قناة فجعلوا يلصقون ظهره العاري (بالرضف) اي الحجارة المحماة حتى ذهب لحمه))أجل لقد كان (خباب) حظه من العذاب لكبير جدا٠٠فكانوا يتفننون في تعذيبه بالحديد الذي يصنع منه السيوف وجعلوه إلى سلاسل قيود ثم يطوقون به جسده العاري ٠٠وذهب رفاقه المضطهدين إلى رسول الله صل الله عليه وآله وسلم فقالوا له إلا تستنصر لنا يارسول الله؟؟ اي تسال الله لنا النصر والعافية ٠٠ولندع (خباب) يروي لنا النبأ بكلماته ٠٠((شكونا إلى رسول الله صل الله عليه وآله وسلم وهو متوسد ببرد له في ظل مكة فقلنا(يارسول الله الا تستنصر لنا ؟؟ فجلس رسول الله ووجهه قد احمر وقال:(لقد كان من قبلكم يؤخذ الرجل منهم فيوضع في حفرة في الأرض ثم يجاء بالمنشار فيجعل فوق رأسه مايصرفه ذاك عن دينه٠٠!!(ويمشط بامشاط الحديد مابين لحمه وعظمه مايصرفه ذلك عن دينه٠٠!! سمع (خباب)كلامه ورفاقه هذه الكلمات فازداد إيمانهم وإصرارهم وقرروا أن يرى كل منهم ربه ورسوله مايحبان من تصميم وصبر وتضحية ٠ وعذبته سيدته( ام انمار) تعذيبا شديدا تكوي جسمه بالحديد والنار وعلى رأسه ونافوخه بتعذيب فاق الوصف بالقسوة والحقد وما كان من البطل من تلامذة العشق المحمدي إلا الصبر وتحمل الاهوال ويقهر جلاديه بكظم أنفاسه حتى لاتخرج منه زفرة ترضي غرور جلاديه٠٠ ومر به رسول الله وهو يرى تعذيبه والحديد المحماة فوق رأسه يلهبه ويشويه فطار قلب النبي من الرحمة حنانا واسى ولكن ماذا يملك عليه السلام يومها لخباب٠٠؟؟ لاشيء سوى أن يثبته ويدعوا له بالثبات٠٠ وهناك رفع النبي عليه الصلاة والسلام كفيه المبسوطتين إلى السماء وقال : ﴿((اللهم انصر خبابا)) ويشاء الله الاتمضي ايام قليلة حتى ينزل (بأم انمار) قصاص السماء العاجل كأنما جعله القدر نذيرا لها ولغيرها من الجلادين ذلك أنها أصيبت بسعار عصيب وغريب جعلها كما يقول المؤرخون--تعوي مثل الكلاب٠٠!!!!وقيل يومئذ٠٠لا علاج لها سوى أن يكوى رأسها بالنار٠٠!!!كانت قريش تقاوم الإيمان بالعذاب٠٠ وكان خباب من اولئك الذين اصدفتهم المقادير لتجعل منهم أساتذة في فن التضحية والعذاب٠٠ومضى (خباب)ينفق وقته وحياته في خدمة الدين الذي خفقت اعلامه ٠٠وحتى عبدالله بن مسعود كان يعتبره مرجعا فيما يتصل بالقران حفظا ودراسة٠٠شهد (خباب بن الأرث)جميع المشاهد والغزوات مع رسول الله صل الله عليه وآله وسلم ٠٠لقد أنفق ماله في سبيل الله وكان زاهدا ينفق راتبه من بيت المال للفقراء وكان دائما يقول : هذا كفني٠٠((لكن (حمزة) عم رسول الله صل الله عليه وآله وسلم استشهد يوم احد ولم يجد له كفن إلا بردة ملحاء إذا جعلت على رأسه قلصت عن قدميه وإذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه)) ومات خباب في السنة السابعة والثلاثين للهجرة٠٠مات (خباب بن الأرث) استاذصناعة السيوف في الجاهلية ٠٠واستاذ صناعة التضحية والفداء في الاسلام٠٠!!!٠٠وخير مانودع به هذا البطل كلمات للامام علي بن ابي طالب عليه السلام حين كان عائدا من معركة صفين فوقعت عيناه على قبر غض رطيب فسأل: قبر من هذا؟؟. فأجابوه قير( خباب بن الأرث) فتملأه خاشعا وقال : ((رحم الله خيابا٠٠لقد اسلم راغبا٠٠ وهاجر طائعا٠٠ وعاش مجاهدا)
إعداد السيد جعفر طاهر العميدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق