الثلاثاء، 1 يوليو 2025

يوميات التسعينات بقلم الأديب ... أحمد حسن شحاته

 قد تكون صورة ‏‏‏٤‏ أشخاص‏ و‏نص‏‏

هان الود بقلم أحمد حسن شحاته

يوميات التسعينات بقلم أحمد حسن شحاته

انت في الصفحة 1 من صفحتين

هان الود
كنت اتعمد تنقلي الي عملي من مصر الجديدة الي المعادي في مواصلتين باص الي ميدان السيدة عائشة وباص منها الي القمر الصناعي المواجه مباشرة لمقر الشركة التي اعمل بها وكانت اول مرة محض صدفة تماما فقد اختطفني نوم ليلة شتاء بارد مع نهايةركعة وتر صلاة العشاء وعندما فتحت عيوني وجدتها السادسة صباحا ووجدت عشائي أمامي فتنبهت الي ما فعله سلطان النوم بي ومارست طقوس الصباح وخطفت درجات السلم واختطفت يد شاب يتشبث بباب أتوبيس ٩٢٤ يدي وجذبني بقوة داخل الاتوبيس وهو يتحرك كان زحام الصباح في اواسط التسعينات لا تطاق رائحته كتل من اللحم البشري في حالة التصاق إجباري وانفاس حارة ملتهبة متبادلة حاولت بجهاد كبير ان اقترب من اي نافذة الا انني فشلت تماما وشعرت بهبوط شديد وكدت ان اختنق فتحينت اول فرصة للنزول وأطلقت قدماي وكأنني افر من الچحيم وتوقف اندفاعي امام جمهرة بجوار عربة فول تفوح منها رائحة عجيبة وتنبهت انني لم يدخل جوفي الطعام من ظهر امس ولمست حقيقة الهبوط الذي ألم بي فقد كنت تعودت علي ذلك الزحام اليومي فتزاحمت علي العربة حتي اخذت مكاني ومع آخر مسحة فول مع اللقمة الأخيرة في الرغيف الرابع أقسمت بيني وبين نفسي انني لم اتذوق طبق فول كهذا الطبق طيلة حياتي وقد أصبحت تلك العربة في ميدان السيدة عائشة هي قبلتي الصباحية حتي انني صاحبت بعض روادها وأصبح عم فرج صاحب العربة احد اهم معارفي واعزهم في القاهرة العامرة كان عم فرج يحتفظ لي دوما بارغفة الخبز التي تشبه جبور فرن امي وقد حدثته عن ذلك كثيرا ولا ينسي ابدا قرون الشطة الباردة و ورور البصل الملعلع كما كان يحب أن يسميه هووكان دائما يلح علي ان لا اقطع وده وأن انزل دائما عند عربته ثم اكمل طريقي وقد ظللت سنوات في ود جميل لا أعلم علي وجه اليقين اهو ود لطبق الفول أم ود لعم فرج أو كلا الودين معا حتي غم الوجوم وجهي مع نزولي ...
............................

انت في الصفحة 2 من صفحتين


مرة من الاتوبيس ولم أجد عربة عم فرج في مكانها وكنت انزل يوميا لاسال عنهماحتي يئست السؤال ولم اعاود النزول واكمل طريقي وبعد شهور لمحت طيف عربة عم فرج في الميدان فصړخت في السائق ان يتوقف حتي علا صوت الركاب فتوقف الاتوبيس ونزلت مسرعا بل مهرولا الي العربة وكلي شوق لهما وتسمرت قدماي فقد كانت نفس العربة لكنه لم يكن هو عم فرج كان شاب صغيرا وقد لاحظ وجومي فعاجلني بقوله عم فرج قابل رب كريم وإنا محمد ابنه فقلت له حكي لي والدك انك في بكالوريوس الهندسة فتخدج وجهه واغرورقت عيناه وقال لي العربية دي بتصرف علي امي واخوتي الخمسة في مراحل التعليم المختلفة فنظرت الي الأرض ثم رفعت راسي وربت علي كتفه وهممت بالمغادرة فسمعته ينادي علي قائلا هان الود فعلمت ان ابيه حدثه عني فلم الټفت اليه وواصلت طريقي وقد علا صوته انا حضرت الجبابير والورور والبارد فلم الټفت اليه وقد كنت جلست علي كرسي في الباص في طريقي الي عملي وقد عزمت أمرا اتممته بمقابلة صاحب الشركة التي اعمل بها وقد كان اقرب الي الصوفيه من السلفية متدينا يجري الله بامره علي يديه خيره علي عباده فحكيت له حكاية عربة الفول وقد مر عامين منذ ذلك الحدث وهاهو محمد فرج وقد تخرج مهندسنا ولا يزال يعمل معنا في الشركة وقد تحول من مساعد مهندس الي مهندسا ويشرف علي احد اهم مواقع الشركة في مدينة الشروق الجديده حينها
فقبل عامين أوان الحدث . وبعد أن رويت لصاحب الشركة حكاية عم فرج طلب مني فورا الذهاب معه بسيارته الفارهه الي مكان العربة وعرض علي ابن عم فرج العمل معنا في الشركة وقد تكفل له براتب يعادل دخل عربته حدث ذلك وكنت لم انزل من السيارة ثم لمحڼي محمد فسبقته في الحديث وقلت له هان الود فجري نحوي واحتضنني بشدة وهو يبكي فرحا وابكي انا شجنا فما هان الود ابدا ولا ينبغي له ابدا ان يهون.
بقلم أحمد حسن شحاته
جبور معناها رغيف خبز فلاحي سميك مصنوع من الرده الخشنه أي قشور القمح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سؤال. والصمت الجواب ... كلمات .. عبدالفتاح غريب

  سؤال. والصمت الجواب من أضناه بعد طول الصبر الحنين ومضى على درب ذكرى ولت بمحراب الوتين دام بحلم باللقاء يناجي نجم طيف بالرجاء حجب عن حناي...