الثلاثاء، 8 يوليو 2025

سيدة الطرقات بقلم/نسرين السحماوي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

            سيدة الطرقات

بقلم/نسرين السحماوي

·         حافية بين رماد الأرض ونيران الاسفلت ترتدي ملابس راقيه بهتت من حرارة الشمس وأتربة الطرقات تهذي بكلمات غير مرتبه يتهادي كل من رآها من الماره ليمنحها بعض النقود أو شئ من الطعام لكنها تتجاهل الأيادي الممدوده وتمضي في طريقها المجهول وهي تتمتم بالكلمات ثم ترفع سبابتها للسماء بانفعال ثم تهبط أرضاً تغترف من رماد الأرض بين يدها وتضعه فوق قدميها تهدهده كما لو كان رضيعاً بين يد أمه ثم تبتسم بانتصار رافعةً يدها بالرماد للسماء ثم تعيده مرةً أخري بين أحضانها وتنام خلف الجدران المتوهجه ،

رأيتها من خلف زجاج السياره وأنا أنتظر طفلي الطالب بالصف الثالث الابتدائي أمام مدرسته الراقيه متعددت اللغات فكدت أترجل من سيارتي لأمنحها بعض المساعدات لكني قبل أن أفعل قد رأيت حالها مع من سبقوني من الماره وتجاهلها التام لمساعدتهم،  أقبل شاباً في منتصف العقد الثالث من العمر يرتدي ملابس راقيه وقد ارتجل من سيارته الفارهه تحفر علي ملامحه أحزان لانهاية لها وبرغم من هدوء ملامحه الا ان تعاطفه مع السيده ينضح من بين نظراته الحزينه ،انحني أمامها وأمسك بيدها قائلا: مرة أخرى يا جوريه؟ ألم أحذرك من هذه الأفعال؟ لله ماأعطى ولله ما أخذ وكل شيء عنده بمقدار ثم سحبها من يدها تجاه السياره ،تسير معه  كالمغيبه تماما عن الوعي ثم تنطلق السياره ،اتابعها بعيني حتي تتلاشى تماماً عن نظري اتمتم في رأسي الفضولي: تري ما القصه وما الذي يحدث مع السيده المجهوله ؟

أري هاني ابن خالتي وأخ الرضاعه يخرج من بوابة المدرسه بيده طفلي المشاكس فيتفلت من بين يديه ليقفز في أحضاني مغرقاً وجهي بالقبلات فيتحدث هاني ضاحكاً : أرأيت العفريت الصغير لقد لمحته يشاكس زملائه بفناء المدرسه ولمحتك تنتظرين داخل السياره فأخذته عنوةً إليكِ ،ضحكت بدوري وشكرته علي اهتمامه فقاطعني عفريتي الصغير ناظراً إليه وهو يتلاعب بكلا  حاجبيه: هيا بنا يا أمي سنصل أستاذي المبجل ذا النظاره الطبيه  أولاً ثم نذهب للمنزل لقد اشتقت للتلفاز وأفلام الكرتون ،نهرته بشده:خالك أيها المشاكس اتتهكم علي خالك؟ فضحك هاني بمرح: اتركيه لي ولا تتدخلي بين الأصدقاء

-هكذا إذن ؟ فلتذق منه الكثير فلا تتزمر، انطلقنا بالسياره في طريق العوده للمنزل والذي لم يتوقف فيها الصغير لحظه عن الثرثره فقد أصابني بالصداع وهاني الصبور المستمع الجيد له بلا ملل لقد اغرقه أسئله عن نظارته الطبيه ولماذا يرتديها ومنذ متي ووووو ضحك هاني بصوتٍ صاخب متعمداً لفت انتباهي غامزاً بعينه : انه مشاكس فضولي كأمه تماماً ، انتبهت من شرودي مردده:فضولي ؟ وهل أنا فضوليه يا سيد هاني؟ ضحك هاني: ألم ألاحظ شرودك وتفكيرك العميق لاتنسي أنني صديق الطفوله وأعلم جيداً فضولك الأدبي ولهثك خلف القصص المجهوله...

-ماذا تقصد بالضبط ؟              -لقد رأيتك عبر نافذت مكتبي وأنت تتابعين السيده الهائمه وكادت عينيك أن تخرج خلفها وهي تبتعد بالسياره ولاحظت شرودك أيضاً منذ استقليت السياره وأنت ترمقين مكانها الخالي الذي كانت ترقد به قبل مغادرتها كأنك تترجيه أن ينطق بقصتها

-أيها المحلل العظيم ماذا تعني؟- غمزباحدي عينيه ضاحكاً أتودين معرفة قصتها؟ نظرت له بفضول لكنه لمح نظرتي المشككه فضحك بدوره:أعلم أن أمثالك لايقتنع بالقصه سوى من مصدرها الأصلي أليس كذلك – ابتسمت بانبهار من تحليله الذكي: وكيف لي ذلك؟- وما جائزة من يجعل صاحبة القصه ترويها لك بأم لسانها؟ انتفضت من مكاني وكأنني وجدت طوق النجاه :اتعني ما تقول يا هاني أم انها مزحه من مزحاتك ؟ضحك بمرح :بل حقيقه ابشري غداً سيكون عندك الخبر اليقين لقد وصلنا المنزل وقد نام الصغير إلي لقاء إعتني بنفسك، ارتجل هاني من السياره وأكملت طريقي لمنزلي الذي لايبعد عن منزله سوي عدت أمتار حملت طفلي وصعدت للمنزل وأنا كلي شغف وتدور في رأسي عشرات القصص والروايات ففضولي الأدبي كما قال هاني لا يتركني لحظه فكيف سيأتي هاني بالمصدر الأصلي كما يزعم؟ آلاف الأسئله تدور وتدور في رأسي بلا جواب.

-استيقظت علي صوت منبهي المزعج صباحاً فهممت بإعداد وجبة الإفطار وإيقاظ الصغير فمنذ سفر والده الي عمله علي حدود الوطن أصبحت هذه طقوسي اليوميه أعد وجبات الصغير ثم آخذه للمدرسه صباحاً وغالباً ما نصطحب هاني في طريقنا ،إستقليت   السياره فوجدت هاني أمام منزله يهم بالمغادره فابتسم الصغير وهو يلوح له بكلتا يداه ويدعوه للركوب إبتسم هاني وهو يلقي الصباح وهو يهلل للصغير ويأخذه بين أحضانه نظرت له نظره ذات مغزي ففهمها هو علي الفور ضحك بمرح:أعدي وجبة غدائك اليوم بمجرد رجوعك المنزل حتي تصبحين متفرغة بعد الظهيرة وقبل أن أسأل عن الأسباب بادرني قائلاً: انتبهي إلي جيداً تعلمين أني أقوم بتحضير رسالة الماجستير في علم النفس بجانب عملي في المدرسه كأخصائي نفسي  والسيده تكون أختاً لأحد أصدقائي وهو يعمل كطبيب نفسي أيضاً وقد رأيتها بالأمس عبر نافذت مكتبي عندما رأيتك أيضاً تتطلعين إليها وأنا الذي تواصلت معه لأخبره بوجودها وقد رأيتيه بالطبع وهويصطحبها للمنزل ثم استطرد  بحزن دفين: لقد كنت استاذاً لأطفالها قبل ثلاثة أعوام في نفس المدرسه التي أعمل بها تعلمين أن نظام المدرسه إعطاء حصص نفسيه من وقت لآخر بشكل ترفيهي للدارسين للاعتناء بصحتهم النفسيه وهذا بالطبع ما أقوم به وقد تعلق بي الأطفال كثيراً وأصبحنا أصدقاء عليهم رحمة الله. نظرت له بصدمه لقد ترحم عليهم !أهم إذن قد فارقوا الحياه؟! نظر لي بحزن ولم يخفي عني عبرةً عفويه سقطت منه،ها قد وصلنا قالها هاني وهو يأخذ بيد الصغير ثم التفت لي هاتفاً لا تتعجلي عند موعد الخروج بعد الظهيره سوف تجيبين عن كل استفساراتك وسوف ترضين فضولك السافر يا أختاه إلي لقاء بإذن الله ثم ترجل بصحبة الصغير الذي طبع قبله فوق خدى بمشاكسه ثم دلفا سويا عبر بوابة المدرسه.

عدت الي منزلي بنشاط ابدلت ملابسي علي عجل وهممت بانجاز أعمال المنزل واعداد طعام الغذاء كما نصحني هاني قرأت بعض آيات القرآن مع ورد الظهيره كعادتي ولم ألبث أن انتهيت من صلاة الظهر حتي صدح رنين هاتفي باسم هاني فها هو قد أوفي بوعده في الموعد المتفق عليه بادرني بالسؤال عن احوالي وعندما وجدني مستعده تواعدنا علي اللقاء بعد النصف ساعه أيا هاني العزيز دائماً كان رقيق المشاعر فلم يتواني لحظه عن محاولت ارضاء الجميع وراحة من حوله بمنتهي الرقه والحنان فلم يطق رؤيتي متحيره في أمر السيده حتي أسرع في إرضاء فضولي الأدبي وشغفي بالقصص المجهوله هنيئاً لي بنعم الأخ ، استقللنا سيارتي بعدما أخذته من عمله المدرسي الذي قد انتهي منه للتو علي العلم أن موعد طفلي اليوم سيتأخر ساعتين عن المعتاد فهناك بعض الانشطه الخاصه بجماعتي التمثيل والكشافه الذي انضم لهم حديثاً وبهذا أستطيع وهاني أن ننجز مهمتنا قبل انتهائه من يومه المدرسي ،بادرني هاني بالكلام وهو يترقب الطريق الذي وصفلي اياه للتو: إنصتي  اليَّ جيدا فها نحن في طريقنا لإرضاء فضولك الأدبي الطاغي ولابد أن اطلعك علي البدايات أولاً :

-جواريه البنت الوحيده والمدلله لأب من الأثرياء (عوده للبدايات)  …..جواريه الصغيره تبكي بصوتٍ صاخب وهي تقفز وتدق بقدميها فوق حشائش الحديقه الواسعه فيهرع الأب ليحتضنها بلهفه وهو يجفف دموعها:حبيبت أباها ما الذي يبكيها ؟

 -لقد أخذ ماهر لعبتي -وأين ماهر ؟-هاهو يلعب مع صديقه في الحديقه الخلفيه .ينظر الاب في دهشه:لكنه يلعب الكره ..يزداد بكاء الصغيره وهي تصرخ نعم هي لعبتي وأريدها لنفسي آآآآه يتأثر الأب رافعا صوته وهويهرع لماهر الابن الاكبر الهادئ : اعطها الكره يا ماهر..ينظر ماهر في حزن انها كرتي يا أبي فقد اختارت هي لعبةً أخري وأصرت عليها برغم من ثمنها الباهظ وكانت الكره من نصيبي فهي عادةً لعبت الأولاد لا الفتايات... فيرد الأب :لا تتسبب في حزن أختك يوم ما مهما كلفك الأمر أسمعت ما قلت؟ ينكس الصغير رأسه وهو يناوله الكره ويعطيها لأخته بحسره ليبتسم لها الأب وهو يجفف دموعها :لا أحب أن أري تلك اللآلئ تنهمر مرةً أخري علي الخدود المرمريه حبيبت أباها تأمر والكون يأتي تحت أقدامها علي الفور فتحتضنه الصغيره بدورها  رافعةً عيونها لأخيها من وراء كتفه وهي تغمز له وتلعب بلسانها لإغاظته، كل هذا تحت أنظار هاني الصديق الوحيد المسموح له بدخول منزلهم فهذه أوامر الأب من أجل الحفاظ علي إبنته المدلله ولولا صداقته بوالد هاني ومعرفته بأخلاق الصبي العاليه لما سمح له بذلك ،

(موقف آخر) جواريه في الجامعه تري الفتايات يتضاحكن سوياً بمشاكسه فتهرع للانضمام لهن وتتعمد لفت انتباههن لأسورتها اللامعه ذات الألماسيات البراقه فقد اهداها والدها إياها عندما رآها تتطلع اليها في أحد الحوانيت المشهوره فهو لا يتحمل رغبتها بشئ ما دون أن تقتنيه علي الفور كما يعلم أنها ستبيت ليلتها حزينه إلم تأخذ ما ترغب وهذا مالايتحمله فضعفه أمامها منذ فقدت والدتها وهي مازالت رضيعه ،

(موقف آخر) في حفل عيد ميلادها العشرين كانت تتراقص بين الفتيات كالفراشه الملونه بفستانها المتطاير باهظ الثمن والذي صنع خصيصا ً من أجلها فتتهافت عليها الفتايات والفتيان فكم من فتاه تتقرب لها لنيل بعض الشهره ولفت الانظاركأنها كوكب مشع يضئ من حوله فقد دأب آبها علي ذلك فهي المتميزه دائماً في كل شئ ولا يجرؤ أحد علي مجاراتها وقد كان الشباب يتقربون لها من أجل جمالها الطاغي ومالها ومركز أباها المرموق فهي حلم الفتيان ذوي المكانه الاجتماعيه العاليه بالطبع وقد لمحت هذا الاعجاب في أعين الجميع

 كانت تمشي منتشيه مرفوعة القامه بين المدعون عندما لمحته يقف بمفرده بعيداً عن الجميع كان ينصب علي عمل داخل هاتفه المحمول غير مكترث بالحفل بالمره تعمدت المرور من أمامه وهي تفتعل السعال فرفع عينيه الرماديه متفاجئاً بوجودها فتناول منديلا من جيب سترته الانيقه بطريقه تلقائيه وناولها إياه بتهذب تام  ثم عاد لعمله دون أن يمنحها اهتمام ، انتفخت رأسها بصخب فلم يهملها أحد من قبل هكذا لكن جاءت احدي الصديقات فأخذتها لاطفاء الشموع وتقطيع الكعكه ،حاولت أن تلهو قليلا لكنها لم تستطع رفع عيونها عنه حاولت وحاولت لكن صاحب العيون الرماديه الانيق الواثق لم يغيب عن عيونها ولا تفكيرها حتي قطع رؤيته عنها وقوف آخاها بينهما فقد رأته وهو يحدثه إذن فهو صديق ماهر فهذه فرصتها كي تنتحل عذرا للتقرب اليه وتعريفه بنفسها اقتربت وهي تشبك يديها بزراع آخاها :أين كنت يا ماهر فلم آراك عند اطفاء شموعي ؟ ابتسم ماهر بحنان وهو يربت علي كتفها :كل عام وأنت بخير حبيبتي ،أود أن اعرفك علي  المهندس أمير كامل صديقي ونجل المهندس كامل بدر صديق والدنا وصاحب شركات الزهور للصوب الزراعيه ، أود أن  اعرفك يا أميرعلي أختي الصغيره جوريه واليوم عيد ميلادها ،حياها أمير وبارك لها عيد الميلاد بتهذب شديد دون أي نظرة تنم علي اعجاب شاب بفتاه مما اصابها باحتراق داخلي ،كان ينظر لساعته من وقت لآخر وهو يفتعل الابتسامه لمن حوله حتي برقت عيناه فجأه وهو ينظر للباب عندما دلفت فتاه رقيقه ذات نظره خجوله ترتدي حجابها فوق فستانها الرقيق مثل صاحبته اقتربت الفتاه من جواريه مهنأه بعيد ميلادها كانت تشبهها كثيرا في الملامح مع الفارق في الرقه والبساطه ابتسمت لها جواريه بافتعال وهي تلتقط الهديه بعدم اهتمام فقد استحوذ أمير علي تفكيرها كلياً وقد اختنقت انفاسها عندما رأت نظرت الشغف في عيناه وهو يلمح ابنة عمها تدلف من الباب فلم تخفي عنها هذه النظره الولهه فطالما حدجها الكثيره بهذه النظره فكيف تكون لغيرها ومنه هو بالذات الذي جذب انتباهها دون غيره وقد أكد شكوكها عندما لمحته عند انتهاء الحفل وهو يحاول اللحاق بها في الحديقه ويتحدث اليها قليلا ثم تتركه وتكمل طريقها بهدوئها المعتاد،لم تكن جواريه يوماً تكره نهال فإبنة عمها لم تكن يوما من المنافسين لها رغم الشبه في الملامح والوضع الاجتماعي المتقارب الا أنها لم تتزاحم يوما للمنافسه أو حتي محاولة كسب صداقتها فهي دائما تضع هدف ما نصب عينيها وتنتظر برقه لحظات الوصول لهدفها الاساسي وهو عملها البحثي في مجال الزراعه وقد جمعت هذه الهوايه بينها وبين أمير الذي كان شغوفاً بالزراعه كوالده وقد تقابلا في الجامعه ثم عرض عليها العمل في شركة أباه بعد التخرج وطوال فترة الدراسه لم يجرؤ علي الاقتراب من نقطة الارتباط لجديتها في العمل وعدم الاكتراث لأي شئ آخر وقد أتي اليوم لحفل عيد الميلاد لأجلها فقط فقد عزم علي التقدم لخطبتها من عمها فبعد وفاة والدها قد حل محله بالطبع فها هي قد أوشكت علي الحصول علي الدكتوراه ولم يعد لديها ما يعوق  الارتباط وقد عقد لسانه عن ذلك أسلوبها الجاد وعدم قبولها لعرضه ليقلها لمنزلها بسيارته بعد الحفل وقد لاحظت جواريه كل شئ وعزمت في نفسها أن  تأخذه لنفسها وقد رسمت خطة التقرب له عن طريق نهال نفسها فأخذت تزور إبنة عمها في الشركه من وقت لآخر تحت دهشة نهال لهذا التقرب المُفاجئ وفي كل مره كانت تزور مكتب أمير وتتجاذب معه الحديث بحجة الاطمئنان علي ماهر الذي لاتكاد تراه في منزلهم وقد حاولت جذب انتباهه مراراً بملابسها المبهره وجمالها الآخاذ وقد لاحظ هو كل ذلك لكنه لم يعيرها اهتماماً وقد لاحظ أخاه الإكبر فارس الذي اصبح يدير الشركه بعد أن تركها لهم والدهم منذ عدت سنوات وتفرغ هو للعباده وزراعة الاشجار داخل منزله الريفي الكبير الذي اصر ان يؤسسه بشكل يجمع فيه عائلته ليربي أحفاده بهدوء وسط الطبيعه ،وقد تحدث فارس لأمير في أمر جوريه الملفت للنظر لكنه نفي تماماً وجود أي اعجاب منه وبرر لطفه معها بصداقته لأخاها وصداقت والداهما ، لكنه فجأه وبدون مقدمات أصبح يتصل بها من وقت لآخر ويحاول التقرب لها  وتقدم لخطبتها بل وأصر أيضاً علي اتمام الزواج فلم يكن يدري أحد بسر تحوله المفاجئ (عوده للوقت الحالي) هاني يكمل السرد: لم يعلم السر سوي واحد فقط ،تسائلت في دهشه ومن يكون ؟ أكمل هاني :أنا فقد جمعتنا صداقة ثلاثتنا منذ الصغر فأنا وأمير وماهر لم نفترق  دراسياً سوي عند دخول الجامعه فقد اختار كل منا تخصص غير الآخر فقد اختار ماهر دراسة الطب وقد اختار أمير هندسة الميكنه الزراعيه واخترت أنا كما تعلمين دراسة  علم النفس والاجتماع لكن هذا لم يقطع صداقتنا أبداً فقد كنا نلتقي دائماً ولم يبح أمير لماهر بسبب حساسية علاقتهم سواء تعلقه بنهال فهي ابنة عمه أوسبب ارتباطه المفاجئ بجواريه فهي أخته  الوحيده ، رمقته بنظره فضوليه وقد فهمها علي الفور فاكمل بابتسامه خبيثه : كان علي وشك أن يتقدم لنهال ولكنه وجد فارس يدلف اليه ليلاً وهو يحدثه بوله عن مدي اعجابه بنهال ومدي رقتها وأخلاقها التي جعلته يكن لها حباً واعجاباً منذ زمن وأنه كان يترقب قرب الحصول علي الدكتواراه لكي يرتبط بها رسمياً وأنه قد لمح لها قبل ذلك لكنها كانت تردعه بأدبها المعهود وتفهمه أنها منصبه أولاً علي بحثها العلمي قبل أي ارتباط وقد آن الأوان ،كان يتحدث بشغف وكأنه أوشك علي أن يلمس النجوم فلم يري أمير هذه الفرحه في عيون أخيه منذ زمن بعيد فقد أصيب بصدمه عصبيه وهو مازال في العاشره من عمره عندما رأي والدتهم وهي تلفظ انفاسها الأخيره في حادث مروع لم يكن معها غيره فقد غيبته الصدمه عن الوعي لبضعة شهور وقد خرج من المشفي  للمنتجعات والمناظر الطبيعه بعيدا عن اي صخب كما نصح الاطباء حتي باع والده البيت القديم الذي جمعه بوالدتهم لكي يمحو أثار الذكري من ذاكرته وقد نصح الأطباء بالابتعاد عن أي نوع من الانفعال أو الصدمات حتي لا يودي بحياته الي الأبد لذلك لم يكن أمام أمير سوي أن يبتلع دموعه ويتصنع الفرحه محتضناً أخاه وهو يشجعه علي الارتباط بمن جعلت الفرحه اخيراً تغذو ملامحه وتعرف الطريق الي قلبه حتي لو علي حساب مشاعره فلتذهب الي الجحيم مقابل سعادة اخاه حتي لو دهس قلبه بالاقدام فداءً لأخاه الحنون. نظرت لهاني وقد تسللت عبره لعيني : وكيف استقبلت جواريه خبر تقدمه لخطبتها؟

-طارت فرحاً بالطبع فنشوة الانتصار جعلتها تعتقد انها قد فازت علي نهال ووصلت لهدفها مثلما تعودت أن تأخذ ماتريد دائماً بأي ثمن، لكن سرعان ما خبت هذه الفرحه عندما تزوجت هي ونهال في نفس المنزل الريفي الجميل فقد كان بالطبع لكل منهما طابقه الخاص لكنهم يجتمعون مع والدهم كامل علي نفس المائده فقد أصر أن يلقباه الزوجات بهذا اللقب فهو لم يرزق بالفتيات وقد اعتبرهم العوض من الله كان دائماً ما يداعبهن من وقت لآخر بقوله أنه يريد أحفاد جميله مثلهن ،ها قد وصلنا لوجهتنا وبالطبع قد سردت عليك كل هذا لأني كنت شاهد عيان تقريبا ًعلي هذه الاحداث لكن باقي القصه ستسمعيها من مصدرها ، وصلنا الي أحد البنايات الأنيقه وقد صعدنا للطابق الثاني ففتح لنا نفس الشاب الانيق (دكتور ماهر) بعد أن رحب بنا أدخلنا غرفة هادئه ذات طابع انيق وبسيط مريح للنظر أدخلني هاني غرفه داخل نفس الغرفه يفصلهما عن بعضهما حائط زجاجي سري بحيث يري من بالغرفه السريه من بالغرفه الأخري بدون أن يشعروفهمت من هاني أن دكتور ماهر يتابع منها ردود فعل المرضي علي بعض الاختبارات النفسيه بدون أن يشعرهم بذلك أجلسني هاني بالغرفه السريه وتركني خلف الحائط الزجاجي ثم عاد لمقعده بالغرفه الرئيسيه ذهب ماهر وعاد وهو يمسك بيد جويريه التي ابتسمت لهاني علي الفور وبدأت في سؤاله عن الصحه النفسيه للصغار وكيف هم في الدراسه وسلوكهم وووووكان هاني يجاريها ويجيبها بهدوء وصبر جميل وفجأه نظرت له ضاحكةً بصخب ثم صفقت بيدها ثم اجهشت في البكاء وهي تعود برأسها للخلف كأنها تسترجع الماضي وبدأت في الحديث... كان أبي كامل شخص حنون  ومهذب لكنه يصاب بمرض الوسواس القهري في الطعام فبرغم من وجود الخدم الا انه لا يستطيع ان يأكل من عملهم ولا حتي من المطاعم فقد كان فيما مضي يعد طعامهم بنفسه(عوده للماضي) فقد دأبت نهال علي أن تتعلم ما يحب من أطعمه وتعده له وقد حاولت جوارية أيضا وتعلمت بعض الاشياء لا لشئ سوي أن تكون محط الاهتمام والتميز أكثر من نهال  لكنها لم تستطع أن تتكيف مع المخبز البلدي فقد كان يصر ألا يأكل الطواجن الا من المخبز المصنوع من الطين والذي وقوده من أخشاب الأشجار وقد تعلمته نهال من أجله فأصبحت هي تخصص الطوجن يوم الطواجن فقد كان والدهم كامل يستحق التضحيه بسبب حبه لهن وحنانه المفرط فلم تتزمر نهال منه يوماً ما فقد كانت محبه وحنونه علي الجميع وكان الجميع يحترمها ويقدرها لكن ذلك لم يرق لابنة عمها وهي التي تعودت علي أن تكون محط أنظار الجميع وقد ذادت احتراقاً عندما شعرت نهال بأعراض الحمل تنتابها ثم تأكدت بعد ذلك من الطبيبه بالرغم من أن نهال وزوجها لم يحاولون اظهار الفرحه أمامها حتي لا تتأثر حتي والدهم كامل قد كتم فرحته بداخله مراعاة لمشاعرها وزاد من احتراقها عندما رزقت نهال بصبي جميل يشبهها تمام وقد طار والدهم كامل بأول حفيد ونسي الدنيا بوجوده فقد كان يصرعلي النوم بجواره واعد له فراشاً داخل غرفته الخاصه فقد تأججت النار بداخل قلبها فكيف توجد بمكان لا تكن به المنفرده في المكانه والاهتمام وصاحبة التميز في كل شئ حتي الانجاب لماذا لا تنجب قبل الجميع ..وكيف لا تأخذ ما تريد في الوقت التي تحتاجه كما تعودت ؟! كانت تدور هذه الافكار في رأسها بلا توقف حتي أنها أصبحت لا تنام من تزاحم الافكار وكلما مر الوقت تدافعت الافكار الشيطانيه إلي رأسها فلما لا تعود نهال مثلها لم تنجب ؟ وحتي عندما علمت بحملها لم يثنيها ذلك عن أفكارها الشيطانيه فلما لاتصبح هي محط الأنظار مرة أخري فهي الأولي بالثروه والأولي بالاهتمام دون غيرها وقد أعدت الخطه وظلت تتحين الفرصه حتي تنفذ خططتها البشعه فقد كانت نهال عادة ما تترك الصغيرعند جده كما كان يصر وعندما يبكي بسبب الجوع تحمله الخادمه إليها وقد تحينت جوريه فرصت خروج أباها كامل للاعتناء ببعض الاشجار بعدما أنام الصغير بفراشه المجاور وتسلل بهدوء حتي لا يزعجه وقد كانت نهال تصنع الطواجن بالمخبز البلدي كما تعودة وقد تركتهم بالمخبز حتي النضج وذهب لآداة الصلاه بالغرفه المجاوره وقد خلي المنزل تماماً حتي الخادمه قد ذهبت لقضاء بعض الحاجات فتسللت جواريه وعي ترتدي القفازات السميكه وحملت الصغير وقد تأججت نيران الحقد بقلبها وأعمتها الغيره والنرجسيه دلفت الي غرفة المخبز وبيدها فراش الصغير المحمول ثم وضعت الفراش بالقرب من المخبز وأدخلت الصغير في باطن المخبز وهالت عليه التراب بلا رحمه ولا شفقه وتسللت بسرعة البرق من الباب الخلفي للغرفه حتي صعدت لطابقها بهدوء قبل أن يلحظ أحد بالمنزل لم تكن تدري أن الشاهد الاعظم لايغفل وكلٍ عنده بمقدار لم تأبه بصرخات الصغير ولاببكائه واستغاثاته ولم يرق قلبها لحظه لبرائت ملامحه فقد استحوزت عليها نشوة الانتصار وغريزة التميز والتملك كما تعودت وقد ذين لها الشيطان عملها البشع الذي لا يمت للآدميه بصله ولاحتي الحيوانات الجارحه تسطيع فعل الجريمه الشنعاء فقد رتبت الجريمه لالصاقها بالخادمه المسكينه فقد ادعت انها رأتها من الشرفه وهي تحمل الصغير لغرفة المخبز ففهمت أنها ذاهبه لوالدته لكي ترضعه وأنها رأتها تخرج مرةً أخري بدونه وخرجت من بوابة المنزل أمام عينيها ولم تأبه لدموع الفتاه وهي تقسم أنها ذهبت للسوق قبل ذلك الوقت بكثيروأنها لم تري الصغير هذا اليوم علي الاطلاق لكن هيهات من الذي سوف يصدق الخادمه ويتوقع أن سيدة المنزل ذات الحسب هي من تدعي الكذب فقد فهم الجميع أن الخادمه تعجلت الذهاب للسوق عندما لم تجد أم الصغير ووضعته بالقرب من المخبز علي عجل حتي تأتي والدته وتركته بمفرده فزحف الصغير الي داخل المخبز بفطرته وخاصةً أنه كان قد بدأ الحبو منذ بضعة أسابيع فلم يجد الجميع تحليل منطقي للموقف أدق من هذا وقد إنهار كامل وأصيب بجلطه جعلته طريح الفراش وقد سقط فارس أرضاً وتم نقله للمشفي بين الحياه والموت ذهب في غيبوبه كامله للمره الثانيه وهي الاكثر خطراً وقد اصيبت نهال بصدمه عصبيه حاده افقدتها الوعي أيضاً فأصر أمير علي الزج بالفتاه للسجن برغم من دموع الفتاه وقسمها ببرائتها ،فقد كانت نيران اللوعه لا تخبو من أجل صغيرهم ثم أخيه ووالده ونهال حبه الأبدي فثلاثتهم يمثلون كيانه ورابعهم الصغير ذا العيون البريئه والضحكه الناعمه التي لم تفارق خياله لحظه فقد تكفل هو بمراسم الدفن بمفرده بعدما انهار الجميع كان بالطبع هاني وأميرووالد زوجته بجواره لكن هيهات فلن يشعر بنيران  قلبه سواه وقد توفي فارس بعد ستة أشهر من الحادث فلم يستطيع الصمود هذه المره ولم يعد من غيبوبته وقد أصبح كامل قعيد يلزم كرسي متحرك أما نهال فقد عادت من غيبوبتها تدريجياً خلال ثلثة أشهر لكنها أصيبت باكتئاب حاد ظلت علي إثره ملازمه لغرفتها عدت أشهر حتي استطاعت بقوتها المعهوده أن تعود تريجياً لكنها تلتزم الصلاه طوال الليل والنهارولا تخرج من غرفتها الا بطلب أباها كامل الذي أصر علي ألا تترك منزلها وتظل بجواره حتي يشبع حبه لابنه وحفيده في رائحتهم الموجوده بها وقد صبرت نهال واحتسبت ولدها عند الله يأخذ بيدها للجنه  وعادت تدريجياً لعملها بالشركه مع أمير وقد رزقت جواريه بثلاثة أولاد خلال اربعة سنوات فلم تحدد النسل ولم تنظمه حتي وكأنها تريد أن تؤكد لنفسها وللجميع علي انتصاراتها المزيفه كانت الابناء تكبر يوماً بعد الأخر وكانوا بالفعل ضوء المنزل فقد حباهم جدهم بحبٍ عظيم واعتبرهم العوض من الله وحتي نهال كانت تحيطهم برعايه وكأنهم أبنائها وقد نست جواريه فعلتها الشنعاء واستكانت تماماً منتشية بفرحة الانتصار والوصول لمرادها بأي ثمن وكأن شئ لم يكن مقنعه نفسها أن الجميع قد نسي الأمر حتي والدت الطفل قد نسيت، ألم تعرف أن الديان موجود الذي لايغفل ولا ينسي حقوق البشر فهناك رضيع قد وئد بلا ذنب وأب مات حسرةً علي رضيعه وجد قد شُل وأصبح سجين مقعد متحرك وهناك فتاة سجنت ثم شردت بدون مأوي ولاعمل تُرزق منه فمن ذا الذي يأمن لخادمه قد أدي اهمالها لقتل صغير وقد زجت بالسجن وعاشرت مجرمين ؟

 كانت جواريه تعد فناجين الشكولاته باللبن للصغار كما عودتهم فقد حرمت دخول الخدم للمنزل منذ ذلك الحين ووافقها أباها كامل بشده و قد تعاقد مع شركة نظافه دوريه لتنظيف المنزل بشكل منتظم فقط وهكذا كانت تحرص دائماً علي وجودها معهم طوال الوقت فكانت تصلهم للمدرسه وتأخذهم في نهاية اليوم وتحرص علي التعرف علي اصدقائهم وعدم الخروج الا بصحبتها حتي لو اضطرت للخروج بدونهم كانت تحرص علي غلق باب الطابق بالمفتاح وكأن شئ دفين بداخلها يخبرها أن انتقام الديان آت لا محاله ،كان تعلق الصغار بهاني أستاذهم المحب يجعلها تسترح لوجوده وتتواصل معه دائماً من أجل صغارها فقد تصطحبهم لمنزل أمير لمقابلة هاني هناك والتسامر معه وكان هذا يعد مكافأه لهم عند التفوق ، اعدت لهم الشيكولاته الساخنه كعادتها وتركتهم بغرفتهم، فجأه تذكرت موعدها مع محامي العائله فبعد موت والدها أصبح أمير يديرالشركات نظراً لانشغال ماهر بمشفاه الخاص فقد ترجاه لقيادة  المجموعه ويتطلب هذا امضائها علي بعض الاوراق من وقت لآخر لدي محامي المجموعه فعزمت علي الذهاب لموعدها وترك الصغار فقد حان موعد نومهم سيشربون مشروبهم ويغرقون بالنوم وعلي كل حال هي لن تتغيب عن المنزل أكثر من ساعه ولم تنسي بالطبع أن تغلق الباب بالمفتاح حرصاً عليهم ، لم تكن تدري أنها تركت المشعل بدون غلق وأن العفريت الصغير تحين فرصة عدم وجودها وغرق اخوته في النوم وقد قام باشعال الشموع الملونه واللعب بهم حتي اخذه النوم وقد انزلقت احداها من يديه علي سجادة المنزل فأشعلت النيران به وكأنها بالهشيم فاشتعل المنزل بالكامل ولم يشعر أحد بالحريق سوي عند رؤية الادخنه فقد اختنق الصغار واشتعلت بهم النيران وحاول الجيران السيطره علي الحريق بعدما انقذوا كامل من الطابق الاسفل لكنهم لم يستطيعوا فتح الباب المصنوع من نوع خاص جدا لايستطيع فتحه سوي مفتاحه ، عادت جوريه من موعدها فتلقت الصاعقه عندما فتحت الباب وشاهدت اطفالها متفحمين كانت تهلوس فهي تضحك وتبكي في نفس الوقت ثم تصفق بكلتا يديها  وهي تهزي بكلمات عجيبه فهمها الجميع فهي تنظر للسماء صائحه: لماذا لا تنسي يارب ؟عشر سنوات قد مرت ونسي الجميع حتي والدت الطفل قد نسيت ولكنك لا تنسي يارب وهل هذا عدل ؟ فهل يؤخذ ثلاثة مقابل واحد؟ لماذا لم تترك لي أحد ؟؟ ثم تذهب وتغترف الرماد من أمام المخبز وتحتضنه وترفعه للسماء ضاحكه : هاهو الصبي ثم تهدهده وتحتضنه وتنام بجواره وكأنها أعادته للحياه فعاد اليها صغارها في المقابل، كان أمير ونهال عائدون من العمل عندما رأوا المشهد مع الجميع وقد اتضح كل شئ للجميع ،إنهار أمير من أجل صغاره لكنه كان الاقوي بين الجميع فقد استعاد نفسه بعد أشهر قليله وتم وضع جويريه في مصحه نفسيه يمتلكها  ماهر بعدما ترجي أمير وجويريه ألا يقدما بلاغ ضدها وكفاها ما نالته من عقاب الله في نفسها وصغارها لكن أمير وبمجرد تعافيه من أزمته طلقها علي الفور فلم يعد يطيق مجرد سماع إسمها ...ترجي نهال أن تتزوجه ويعيشا حياه جديده وترجاها والدها كامل أيضاً فقد قام ببيع المنزل والانتقال لمحافظه ساحليه وأنشأ منزل ريفي جميل بجوار احد الشواطئ وشيد فرع جديد ليدير مجموعة شركاته منه وترك المدينه بأكملها الذي تذكره بأسوأ عذاباته وبحث عن الخادمه التي ظلمها الجميع ووكل محام لاثبات برائتها بطريقته الخاصه دون المساس بجوريه كما وعد أخاها وفر لها عمل جيد براتب كبير  كما زوجها لأحد العاملين معه ،وقد آراد الله عوضه هو ونهال فقد رزقا بتوأم جميل يشبه نهال تماما وقد كان كامل سعيد بهم الي عنان السماء.(عوده للحاضر) تحتضن جوريه الوسائد الصغيره الملقاه أرضاً ثم تنام ضاحكه كأنها تحتضن الصغار فيتركها هاني ويتسلل للغرفه السريه ويأخذ بيدي ثم نخرج من الباب الاخربهدوء وندخل لحجرة المكتب الخاصه بالدكتور ماهر الذي كان بانتظارنا بابتسامه مهذبه لكنها حزينه اشار لنا بالجلوس بعدها طلب لنا المشروب الدافئ وإستأنف حديث أخته : وهكذا كل عدت اشهر يعود اليها نفس الشعوروكأن الصغار بالمدرسه وتذهب لتقلهم للمنزل لكنها لا تجدهم فتقوم بالحديث مع السماء وتغترف الرماد فيعود اليها شبح الطفل الرضيع كأنه عاد مرة أخري فتحدث الله وتقدمه له ضاحكه كأنها اعادته وهدهدته ليعيد لها صغارها وتراهم بالفعل فتحتضنهم وتنام وفي اليوم التالي تطلب ان تري هاني كمكافأه لهم كما كانت تفعل معهم لحبهم لهاني وشغفهم بصحبته  لكنها سرعان ما تفيق علي الواقع مرة اخري فتأخذ بسرد الماضي كما رأيتي ثم تحتضن الوسائد كأنها الاطفال وتذهب في ثبات عميق

-ولماذا تتركها تخرج للشارع بمفردها؟           -أنا لا أتركها مطلقاً فأنا أدع معها ممرضه متخصصه كما أضع بعنقها خاصيه تتبع لكنها عندما تنتابها هذه الحاله لايقوي أحد عليها فلابد أن تخرج طاقتها ثم تستسلم بعدها تماماً كما تعلمين وقد اخبرني هاني هذه المره عندما استكانت وذهبت في النوم ولولا مكانة هاني وثقتي به لما تركتك تتطلعين علي حالتها مطلقا .-ابتسمت بشرود :شكراً جزيلاً علي هذه الثقه ،لكن 7ما الذي يصل الانسان لهذه الحاله يا دكتور؟ -رد ماهر بحزن: كلٍ عنده بمقدار فلابد من التوازن في كل شئ فالتدليل المفرط مثل الجفاء المفرط دائماً ما يؤدي للحب المفرط للنفس ثم الغرور المتطرف لدرجة الاباده لكل شئ يقف في طريق نفسي فهي نفسى وفقط وليذهب الجميع للجحيم فقط لو يقف الانسان وقفه واحده مع الخالق ليعلم أنه جاء بمقدار وسيأخذ من الدنيا بمقدار وسيذهب منها بنفس المقدار ومهما فعل لن يزيد ذره عما قدره صاحب المقدار....صرخة تشق المكان مردده :عشرة سنوات قد مرت وقد نسي الجميع حتي أم الرضيع لكنك لا تنسي يارب فهل يؤخذ ثلاثه مقابل واحد؟ لماذا لم تترك لي شئ؟؟؟ فيهرع ماهر لأخته بعدما يأخذ أحد العقارات المهدئه من براد المكتب ،تنزلق عبره من هاني ،أشعر بحنين شديد لطفلي لا أعرف سببه المفاجئ فتتجمع بعيني الدموع ثم اجهش في البكاء فيجفف هاني جبهته  مردداً كلمة ماهر ..كلٍ عنده بمقدار......  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سيدة الطرقات بقلم/نسرين السحماوي

  بسم الله الرحمن الرحيم             سيدة الطرقات بقلم/نسرين السحماوي ·          حافية بين رماد الأرض ونيران الاسفلت ترتدي ملابس راق...