ق ق "هروب"
جئت إلى المدينة.. الوقت كله لي، أتحكم فيه كيفما أشاء.. المصالح والإدارات والمؤسسات باشرت دوامها المسائي.. لمعت في ذهني فكرة.. سأقضي بعض الوقت في احدى المكتبات العمومية.. لأقرأ بعض الأشعار من العصر الجاهلي أو الأموي، أو حتى العباسي التي تستهويني كثيراً.. هذه الكتب والدواويين تتوفر عليها المكتبة ويستحيل أن تجدها في مكان آخر غيرها.. عزمت أن أفر من الشارع، لأتجنب مشاهدة وجوه مقرفة كالحة.. وأخرى تصيبك بالغثيان بمجرد رؤيتك لها.. وجوه أضحت البلادة والجهل والغباء ديدنها.. دخلت المكتبة التي وجدتها فارغة إلا من أمينها.. سلمت وقبل أن أشير إلى الكتاب الذي أريد، ناولني كتاب حنا فاخوري "تاريخ الأدب العربي"، لم أعترض.. المهم أن أقرأ.. القيم يعرف اهتمامي بالأدب.. خاصة القديم منه.. وكي لا أضيع الوقت تناولته منه.. شرعت في القراءة.. لم تمر إلا لحظات قليلة.. سمعت وشوشة على الباب.. لم أكترث، واصلت القراءة.. بعد هنيهة ظهر أمامي القيم تتبعه شابة في مقتبل العمر.. تلبس الجلباب، الذي لم يستطع أن يخفي رجليها البلقيسيتين البيضاوان.. تنتعل في رجليها نعلين بلاستيكيين.. قال لي القيم: أسي العلوي عادي نسيقوا..!.. يمكن لك أن تنتظر بعض الوقت في الخارج، ريثما ننتهي.. اترك الكتاب في مكانه، على الطاولة إن شئت حتى تعود.. خرجت من المكتبة وتلقفتني المدينة الصاخبة مجدداً، لم تنقذني منها سوى الحافلة المتوجهة إلى الغابة.
الطيب تشرين/ المغرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق