الحلقة الثامنة
وبات الحزن على خدود الجمال
بقلم الكاتبة سحر الصيدلي
8/4/2018
وفي اليوم التالي طلبت من محمد ان يبحث لي عن عمل أقتات منه وعن غرفة أعيش بها بدلاً من مضايقتهم فيكفي ما فعلوه من أجلي ..لكن الخالة صرخت بأعلى صوتها لن تعملي ولن تخرجي من البيت إلا بعد ان تضعي مولودك واطمئن عليك .. ولا بد لك أن تسحبي اوراقك من جامعة القاهرة الى جامعة الاسكندرية وتلتحقي هنا بكلية الطب وتكملي دراستك لكي تحققي حلمك وتأمني مستقبلك وتتمكني من تربية طفلك على احسن حال .. ولا تهتمي لموضوع الاوراق فولدي محمد معيد بكلية الهندسة بجامعة القاهرة ويعرف الاجراءات جيدا وما عليك سوى الراحة والدراسة والنجاح لنفخر بك جميعا .. غمرت الفرحة قلبي وكياني ولم أتمكن من منع عيني من البكاء وعبرت للخالة أم محمد عن مدى حبي لها وامتناني لكل ما قدمته لي .. ثارت بداخلي مشاعر الشوق والحنين إلى كليتي التي هي حلم حياتي ولكن من سيدفع لي تكاليف دراستي ؟! ومن سيرعى طفلي أثناء غيابي بالجامعة ؟! وشردت أفكر في الأمر وكأن أم محمد قرأت افكاري فردت بهدوء انا من سيعتني بطفلك يا ابنتي وسأصرف على دراستك قدر استطاعتي وسوف يساعدني محمد أيضاً بالمصاريف وما عليك انت سوى الاجتهاد والنجاح وان تنسي الماضي بكل ما فيه وتبدئي حياة جديدة يملؤها التفاؤل والأمل... يومها نمت قريرة العين مرتاحة البال وشعرت ان الله انصفني وعوضني خيرا عن شريف ...وبعد شهرين من الالتزام بجامعتي رزقني الله ابني منتصر الذي انتصر على كل المآسي والأحزان وشرفَ الى الدنيا وله جدة رائعة ام محمد وخال اسمه محمد وعائلة احتوته من القلب وأحبته كما لو كان فلذة كبدهم وهكذا عشنا معا كأسرة متحابة سعيدة. ملأ منتصر البيت سعادة وهناء وأصبحت الجدة لا تطيق فراقه ابدا او البعاد عنه وكان يحبها ويعشقها اكثر مني لأنها تقيم معه طول الوقت وتنفذ له كل طلباته وينهل من معين عطفها وحنانها الذي لا ينضب ..حتى جاء اليوم الموعود الذي انكسر فيه قلبي وتفتتت حياتي عندما توفت الخالة ام محمد وانتقلت الى بارئها وأنا في السنة الخامسة من كليتي وبات علي ان اتدبر امري واجد عملا وبيتا يأويني مع ابني فليس من المعقول ان اعيش مع محمد في منزل واحد بمفردنا لذا كان علي الاسراع باتخاذ القرار المناسب .. و بعد العزاء وانتهاء المناسبة فتحت الموضوع مع محمد وأخبرته بنيتي في ايجاد عمل ليلي في مشفى لأنام فيه مع ابني وأستطيع بالنهار الالتزام بكليتي لأكمل السنة الاخيرة وأتخرج ولعل الله يفتحها في وجهي ويساعدني على تحقيق هدفي ...سكت محمد طويلا ثم قال لو لم اكن خاطبا وعلى وشك الزواج لتركت لك المنزل ولكن بعد ان بات عملي بالإسكندرية وزواجي قريب سأوافقك الرأي ولن انساك من المصروف ان شاء الله ...عادت الدنيا لتظلم في وجهي من جديد وعادت تنتقم مني ويبدو أنها لم ولن تسامحني على غلطتي التي ندمت عليها كثيرا وكانت درسا قاسيا افقدني حياتي وأهلي الذين اذكرهم كل يوم وأتمنى ان التقي بهم واحضنهم واطلب السماح منهم وأن يغفروا لي زلتي ويسامحوني على الخطأ الكبير الذي ارتكبته بحقهم ويرون ابني منتصر ويفرحون بحفيدهم الذي سيملأ عليهم الدنيا سعادة وهناء ..لكنها مجرد احلام من الصعب ان تتحقق .. لملمت امتعتي وأمتعة ابني بعد ان وجدت عملا عند طبيب طيب القلب صافي النية سمح لي بالمبيت بالعيادة مقدرا وضعي الذي لا يعرف عنه شيئا ومحترما أسبابي التي لم أرغب في البوح بها وعرض علي راتبا لا بأس به يلبي حاجاتي وحاجة طفلي ... وهكذا اكملت جامعتي بشقاء وعذاب بين ابني وعملي ودراستي التي كان يلزمها مجهود كبير ومصروف اكبر لا يناسب دخلي بعد ان سجلت منتصر بالحضانة لأستطيع الذهاب الى جامعتي وأعود ظهرا لالتزم بمواعيد العيادة ثم أجلس ليلاً منكبة على دراستي لأنهي ما تبقى لي بسلام لكن كلمات ام محمد رحمها الله كانت تتردد بمسمعي اياك يا سلمى ان تهملي دراستك فهي السند الوحيد لك في هذه الحياة ومنها ستعيشين عزيزة وتحفظي كبرياءك فاصبري يا بنتي على نوائب الدهر والفرج قريب ان شاء الله ..الى اللقاء بالحلقة القادمة مع تحيات
سحر الصيدلي
وبات الحزن على خدود الجمال
بقلم الكاتبة سحر الصيدلي
8/4/2018
وفي اليوم التالي طلبت من محمد ان يبحث لي عن عمل أقتات منه وعن غرفة أعيش بها بدلاً من مضايقتهم فيكفي ما فعلوه من أجلي ..لكن الخالة صرخت بأعلى صوتها لن تعملي ولن تخرجي من البيت إلا بعد ان تضعي مولودك واطمئن عليك .. ولا بد لك أن تسحبي اوراقك من جامعة القاهرة الى جامعة الاسكندرية وتلتحقي هنا بكلية الطب وتكملي دراستك لكي تحققي حلمك وتأمني مستقبلك وتتمكني من تربية طفلك على احسن حال .. ولا تهتمي لموضوع الاوراق فولدي محمد معيد بكلية الهندسة بجامعة القاهرة ويعرف الاجراءات جيدا وما عليك سوى الراحة والدراسة والنجاح لنفخر بك جميعا .. غمرت الفرحة قلبي وكياني ولم أتمكن من منع عيني من البكاء وعبرت للخالة أم محمد عن مدى حبي لها وامتناني لكل ما قدمته لي .. ثارت بداخلي مشاعر الشوق والحنين إلى كليتي التي هي حلم حياتي ولكن من سيدفع لي تكاليف دراستي ؟! ومن سيرعى طفلي أثناء غيابي بالجامعة ؟! وشردت أفكر في الأمر وكأن أم محمد قرأت افكاري فردت بهدوء انا من سيعتني بطفلك يا ابنتي وسأصرف على دراستك قدر استطاعتي وسوف يساعدني محمد أيضاً بالمصاريف وما عليك انت سوى الاجتهاد والنجاح وان تنسي الماضي بكل ما فيه وتبدئي حياة جديدة يملؤها التفاؤل والأمل... يومها نمت قريرة العين مرتاحة البال وشعرت ان الله انصفني وعوضني خيرا عن شريف ...وبعد شهرين من الالتزام بجامعتي رزقني الله ابني منتصر الذي انتصر على كل المآسي والأحزان وشرفَ الى الدنيا وله جدة رائعة ام محمد وخال اسمه محمد وعائلة احتوته من القلب وأحبته كما لو كان فلذة كبدهم وهكذا عشنا معا كأسرة متحابة سعيدة. ملأ منتصر البيت سعادة وهناء وأصبحت الجدة لا تطيق فراقه ابدا او البعاد عنه وكان يحبها ويعشقها اكثر مني لأنها تقيم معه طول الوقت وتنفذ له كل طلباته وينهل من معين عطفها وحنانها الذي لا ينضب ..حتى جاء اليوم الموعود الذي انكسر فيه قلبي وتفتتت حياتي عندما توفت الخالة ام محمد وانتقلت الى بارئها وأنا في السنة الخامسة من كليتي وبات علي ان اتدبر امري واجد عملا وبيتا يأويني مع ابني فليس من المعقول ان اعيش مع محمد في منزل واحد بمفردنا لذا كان علي الاسراع باتخاذ القرار المناسب .. و بعد العزاء وانتهاء المناسبة فتحت الموضوع مع محمد وأخبرته بنيتي في ايجاد عمل ليلي في مشفى لأنام فيه مع ابني وأستطيع بالنهار الالتزام بكليتي لأكمل السنة الاخيرة وأتخرج ولعل الله يفتحها في وجهي ويساعدني على تحقيق هدفي ...سكت محمد طويلا ثم قال لو لم اكن خاطبا وعلى وشك الزواج لتركت لك المنزل ولكن بعد ان بات عملي بالإسكندرية وزواجي قريب سأوافقك الرأي ولن انساك من المصروف ان شاء الله ...عادت الدنيا لتظلم في وجهي من جديد وعادت تنتقم مني ويبدو أنها لم ولن تسامحني على غلطتي التي ندمت عليها كثيرا وكانت درسا قاسيا افقدني حياتي وأهلي الذين اذكرهم كل يوم وأتمنى ان التقي بهم واحضنهم واطلب السماح منهم وأن يغفروا لي زلتي ويسامحوني على الخطأ الكبير الذي ارتكبته بحقهم ويرون ابني منتصر ويفرحون بحفيدهم الذي سيملأ عليهم الدنيا سعادة وهناء ..لكنها مجرد احلام من الصعب ان تتحقق .. لملمت امتعتي وأمتعة ابني بعد ان وجدت عملا عند طبيب طيب القلب صافي النية سمح لي بالمبيت بالعيادة مقدرا وضعي الذي لا يعرف عنه شيئا ومحترما أسبابي التي لم أرغب في البوح بها وعرض علي راتبا لا بأس به يلبي حاجاتي وحاجة طفلي ... وهكذا اكملت جامعتي بشقاء وعذاب بين ابني وعملي ودراستي التي كان يلزمها مجهود كبير ومصروف اكبر لا يناسب دخلي بعد ان سجلت منتصر بالحضانة لأستطيع الذهاب الى جامعتي وأعود ظهرا لالتزم بمواعيد العيادة ثم أجلس ليلاً منكبة على دراستي لأنهي ما تبقى لي بسلام لكن كلمات ام محمد رحمها الله كانت تتردد بمسمعي اياك يا سلمى ان تهملي دراستك فهي السند الوحيد لك في هذه الحياة ومنها ستعيشين عزيزة وتحفظي كبرياءك فاصبري يا بنتي على نوائب الدهر والفرج قريب ان شاء الله ..الى اللقاء بالحلقة القادمة مع تحيات
سحر الصيدلي
التعليقات

اكتب تعليقًا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق