الحلقة الحادية عشرة ....وبات الحزن على خدود الجمال
بقلم الكاتبة سحر الصيدلي
16/4/2018
تجمد الدم في عروقي وتوقفت نبضات قلبي وجف حلقي وأبى لساني أن ينطق بأي حرف ..فقط يداي كانت تلوح لمحمد بأن يسرع بالخروج من هذا المكان خشية أن يراني أحد من أهلي ..لكن محمد أبطأ من حركة السيارة وأخذ يمينه ليقف بجانب الرصيف بانتظام مستعدا للنزول.. كانت نظراتي ترجوه أن لا يفعل وأن يستمر بالسير فلست قادرة على المواجه ولا على افتضاح أمري أمام ابني ولا على استرجاع ما أجرمت به بحق أهلي وكيف تسببت في زرع الألم والحزن في نفوسهم .. لكن اصرار محمد كان أكبر من رجائي وتوسلاتي فأسرع ليطرق الباب مع منتصر وأنا مختبئة داخل السيارة يمنعني هلعي والرعب الذي تملكني من أن أنزل أو أخطو نحوهم أو أن أقترب من المنزل .. وبصوت منخفض صرت أنادي على محمد وأطلب منه أن يعود لكي نبتعد عن هذا المكان فأنا لن أقوى على المواجه مع من أسأت اليهم وكنت سببا في تحطيم أحلامهم وإلصاق العار بهم ..لكن الباب فتح لأرى وجه أمي وقد أمتلأ بتجاعيد السنين وشعرها الذي خضبه الشيب وأنفاسها التي تلهث وعيناها ترمش لتتأكد من الطارق على الباب .. فما كان من محمد إلا أن همس لها ببعض الكلمات ومد يد منتصر إليها لتمسك بها ثم دخل الجميع إلى المنزل وأنا خلف زجاج السيارة أراقب ما يحدث وجسدي يرتعد من الخوف .. هنا شعرت أن أنفاسي الاخيرة قد لفظت من صدري وأن موتي بات قريباً وتفجرت بداخلي لحظات الندم وشعرت ان دموعي لن تكف عن النحيب طوال عمري وأن القبر لن يحتويني والكفن لن يسترني بعد كل ما تسببت فيه لأهلي .. فلحظات الندم لن تفارقني وستظل عيناي تنزف دماً على ثيابي التي تلطخت بالمعصية .. فغلطتي لن تمحوها رياح التسامح والنسيان وجروحي الغائرة لن تمحوها آهات السنين بعد أن جفت الدماء في عروقي .. وصرت أهمس في رجاء رفقاً بي يا محمد فأنا لم أخلق بلا احساس او ضمير فانا أموت كل يوم ولا تموت ذكريات ما اقترفته يداي من ذنوب وآثام .. لن أسامح نفسي ولن ابرر سوء فعلتي بل سأكتب على منديل الزمن قصة فتاة أغواها العشق وهلوسات الحب وجنون العاطفة والكلمات المعسولة والحروف المزخرفة بالنفاق والكذب فنسيت أحلامها وأخلاقها وتربيتها ومبادئها التي نشأت عليها وداستهم تحت قدميها في لحظة ضعف فباتت أداة رخيصة بيد من غدر بها ولم يصن شرفها وكرامتها وتوسلاتها وتركها تحبو مع طفل خرج إلى الحياة بلا أب وذكريات قتلت روحها وجعلتها تبحث عن ضوء شارد بين العابرين لعلها تلتمس نوراً يعيد لها حياتها وروحها ويمحو عارها لتقف من جديد شامخة الرأس .. ولكن هيهات لأحلام لن تتحقق .. وها انا الان أقف قرب أمي غير قادرة على عناقها او تقبيل قدميها كي تسامحني وتعفو هي وأبي عن زلتي التي افقدتني شرفي وحبهم وعطفهم ..وبلمح البصر رفعت نظري لأجد أمي تتأملني والدموع تملأ عينها والرجفة تعلو جسدها وهي تلوح لي بيدها لكي أتقدم نحوها فما كان مني الا أن أسرعت وانحنيت على قدميها أقبلهما وأطلب منها الرحمة والغفران والصفح عني ..أمسكت بي أمي بيديها المرتعشتين وسحبتني داخل المنزل ولثمتني بمئات القبلات ودموعنا تتمازج دون ان ينطق أي منا بحرف فسارعت اخواتي إلى احتضاني وبكائهم يعلو فوق صراخي وأنا اردد أين أبي ؟؟ فأجابت دموعهم على أسئلتي وتكلمت نظرات اللوم في أعينهم لكي تتهمني بأنني سبب موته وسبب تعاستهم وشقائهم .. وبعد لحظات من الصمت الرهيب ونظرات اللوم والعتاب نطق أحدهم قائلاً رحمه الله .. لم يتحمل ما فعلتيه ففارق الحياة بعد أيام من رحيلك واضطررنا أن نعمل الى جانب دراستنا لنعيل الاسرة التي انهارت بغيابه ..فنزل الخبر علي ......الى اللقاء بالحلقة القادمة مع تحيات سحر الصيدلي
بقلم الكاتبة سحر الصيدلي
16/4/2018
تجمد الدم في عروقي وتوقفت نبضات قلبي وجف حلقي وأبى لساني أن ينطق بأي حرف ..فقط يداي كانت تلوح لمحمد بأن يسرع بالخروج من هذا المكان خشية أن يراني أحد من أهلي ..لكن محمد أبطأ من حركة السيارة وأخذ يمينه ليقف بجانب الرصيف بانتظام مستعدا للنزول.. كانت نظراتي ترجوه أن لا يفعل وأن يستمر بالسير فلست قادرة على المواجه ولا على افتضاح أمري أمام ابني ولا على استرجاع ما أجرمت به بحق أهلي وكيف تسببت في زرع الألم والحزن في نفوسهم .. لكن اصرار محمد كان أكبر من رجائي وتوسلاتي فأسرع ليطرق الباب مع منتصر وأنا مختبئة داخل السيارة يمنعني هلعي والرعب الذي تملكني من أن أنزل أو أخطو نحوهم أو أن أقترب من المنزل .. وبصوت منخفض صرت أنادي على محمد وأطلب منه أن يعود لكي نبتعد عن هذا المكان فأنا لن أقوى على المواجه مع من أسأت اليهم وكنت سببا في تحطيم أحلامهم وإلصاق العار بهم ..لكن الباب فتح لأرى وجه أمي وقد أمتلأ بتجاعيد السنين وشعرها الذي خضبه الشيب وأنفاسها التي تلهث وعيناها ترمش لتتأكد من الطارق على الباب .. فما كان من محمد إلا أن همس لها ببعض الكلمات ومد يد منتصر إليها لتمسك بها ثم دخل الجميع إلى المنزل وأنا خلف زجاج السيارة أراقب ما يحدث وجسدي يرتعد من الخوف .. هنا شعرت أن أنفاسي الاخيرة قد لفظت من صدري وأن موتي بات قريباً وتفجرت بداخلي لحظات الندم وشعرت ان دموعي لن تكف عن النحيب طوال عمري وأن القبر لن يحتويني والكفن لن يسترني بعد كل ما تسببت فيه لأهلي .. فلحظات الندم لن تفارقني وستظل عيناي تنزف دماً على ثيابي التي تلطخت بالمعصية .. فغلطتي لن تمحوها رياح التسامح والنسيان وجروحي الغائرة لن تمحوها آهات السنين بعد أن جفت الدماء في عروقي .. وصرت أهمس في رجاء رفقاً بي يا محمد فأنا لم أخلق بلا احساس او ضمير فانا أموت كل يوم ولا تموت ذكريات ما اقترفته يداي من ذنوب وآثام .. لن أسامح نفسي ولن ابرر سوء فعلتي بل سأكتب على منديل الزمن قصة فتاة أغواها العشق وهلوسات الحب وجنون العاطفة والكلمات المعسولة والحروف المزخرفة بالنفاق والكذب فنسيت أحلامها وأخلاقها وتربيتها ومبادئها التي نشأت عليها وداستهم تحت قدميها في لحظة ضعف فباتت أداة رخيصة بيد من غدر بها ولم يصن شرفها وكرامتها وتوسلاتها وتركها تحبو مع طفل خرج إلى الحياة بلا أب وذكريات قتلت روحها وجعلتها تبحث عن ضوء شارد بين العابرين لعلها تلتمس نوراً يعيد لها حياتها وروحها ويمحو عارها لتقف من جديد شامخة الرأس .. ولكن هيهات لأحلام لن تتحقق .. وها انا الان أقف قرب أمي غير قادرة على عناقها او تقبيل قدميها كي تسامحني وتعفو هي وأبي عن زلتي التي افقدتني شرفي وحبهم وعطفهم ..وبلمح البصر رفعت نظري لأجد أمي تتأملني والدموع تملأ عينها والرجفة تعلو جسدها وهي تلوح لي بيدها لكي أتقدم نحوها فما كان مني الا أن أسرعت وانحنيت على قدميها أقبلهما وأطلب منها الرحمة والغفران والصفح عني ..أمسكت بي أمي بيديها المرتعشتين وسحبتني داخل المنزل ولثمتني بمئات القبلات ودموعنا تتمازج دون ان ينطق أي منا بحرف فسارعت اخواتي إلى احتضاني وبكائهم يعلو فوق صراخي وأنا اردد أين أبي ؟؟ فأجابت دموعهم على أسئلتي وتكلمت نظرات اللوم في أعينهم لكي تتهمني بأنني سبب موته وسبب تعاستهم وشقائهم .. وبعد لحظات من الصمت الرهيب ونظرات اللوم والعتاب نطق أحدهم قائلاً رحمه الله .. لم يتحمل ما فعلتيه ففارق الحياة بعد أيام من رحيلك واضطررنا أن نعمل الى جانب دراستنا لنعيل الاسرة التي انهارت بغيابه ..فنزل الخبر علي ......الى اللقاء بالحلقة القادمة مع تحيات سحر الصيدلي
أعجبنيعرض مزيد من التفاعلات
تعليق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق