حول تعريف الصَّبر وفوائده من دروس شهر رمضان المبارك
- الحقيقة أنَّ صيام رمضان مدرسة أعدَّها الله لعباده المؤمنين ليربيهم فيها ويقول لهم انطلقوا يا عبادي على هذا النَّمط بقيَّة العام، وهناك الكثير من الدروس المستفادة من مدرسة الصِّيام منها: التقوى، الصبر، حسن الخلق، مراقبة الله - عزَّ وجلَّ - الإخلاص، الأمانة، وغيرها من الدروس الكثيرة المستفادة من صيام رمضان.
- ومن أهمِّ الدروس التي نخرج بها من صيام رمضان درس الصبر وذلك لحاجة الإنسان المسلم إليه.
علاقة الصَّوم بالصَّبر
- بالنسبة للصبر فإنَّ الصوم امتناع عن الطعام والشرب والشهوة، وهنا صبر على الجوع والعطش وعن الشهوة، وعليه فإنَّ الصوم يعلمنا الصبر على هذه الأشياء، ولذلك نرى في حديث أبى هريرة: " الصوم نصف الصبر ".
- المراد بالصَّبر: الصبر " هو حبس وضبط النفس ".
- فإذ قلنا إن هناك صبرا على الطاعة فنعني ضبط النفس وحبسها في الثبات على فعل الطاعات..
ثواب الصَّابرين:
١ - وفاء أجورهم من الله بغير حساب، يتعدَّى حسابهم الحسنة بعشر أمثالها ويتعدى سبعمائة ضعف، لقوله تعالى: "إنَّما يوفَّى الصَّابرون أجرهم بغير حساب" وهذا يبيَّن لنا قيمة وأهميَّة الصَّبر عند الله تعالى.
٢ - بالصَّبر ينال الإنسان حبَّ الله - عزَّ وجلَّ - لقوله تعالى: "والله يحبُّ الصَّابرين " وهذا ما يدعونا جميعاً إلى ضرورة التحلي بالصَّبر؛ لننال حبَّ الله – عزَّ وجلَّ – وإذا أحبَّ الله عبداً فاز في الدنيا والآخرة؛ لأنَّ الله يشمله برعايته وعنايته.
- وتأمَّل هذا الحديث القدسي الجميل حيث إنَّه تعالى قال: "ما يزال عبدي يتقرَّب إلىَّ بالنَّوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشى عليها، ولإن سألني لأعطينَّه، ولإن استعاذني لأعيذنَّه" - هذا الفضل من الله يأتي نتيجة حبِّ الله للعبد وهذا يكون بأداء النَّوافل وبالصَّبر الذي أشار الله - سبحانه وتعالى - إليه في الآية الكريمة "إنَّما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب".
٣ - بالصِّبر تفوز بمعيَّة الله - عزَّ وجلَّ - فقال تعالى: "والله مع الصابرين" وممَّا لا شكَّ فيه أنَّ معيَّة الله تعالى فيها أمن واطمئنان واستقرار للعبد المؤمن، وهذه المعيَّة هي التي نجا بها موسى - عليه السلام - لمَّا تبعه فرعون وجنوده، فقال له قومه: "إنَّا لمدركون" قال موسى قولة الواثق في معيَّة الله - عزَّ وجلَّ - وفى نجاته بهذه المعيَّة: "كلا إنَّ معي ربِّى سيهدين" يعلم موسى - عليه السَّلام - أنَّ ربَّه معه، إذًا هناك نجاة حتى لو كان البحر أمامنا والعدو وراءنا، ونجا موسى - عليه السلام - بمعيَّة الله - عزَّ وجلَّ.
- وهذا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - نجا ليلة الهجرة مع أبى بكر بمعيَّة الله تعالى، يقول له أبو بكر - رضي الله عنه - : "لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا" فيطمئنه النَّبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "لا تحزن إنَّ الله معنا" قولة الواثق في معيَّة ربِّه - جلَّ وعلا - ونجا الاثنان كما نجا موسى وقومه بهذه المعيَّة، أيضاً ينجو بها الصَّابرون، لأنَّهم في معيَّة الله تعالى.
٤ - الصابرون لهم البشرى من الله تعالى على صبرهم بالرَّحمة والهداية فقال تعالى: "وبشر الصَّابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربِّهم ورحمة وأولئك هم المهتدون".
- ممَّا سبق يتضح لنا أهميَّة الصَّبر في حياة المسلم وأنَّه من أهمّ الدروس التي يجب أن نتعلمها من صيام رمضان للفوز بهذا الأجر العظيم، ولنعلم جميعاً أنَّ الله - سبحانه وتعالى - لم يفرض علينا ما يزيد على طاقتنا، ولكنَّه أمرنا بما نستطيع أن نقوم به فقال تعالى: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" فأوامر الله - تعالى - كلها في استطاعة العبد وفى طاقته وقدرته، إذا أدَّى ابتغاء مرضاة الله فاز في الدنيا والآخرة، وإن أعجزه الشيطان خسر جزاء الصَّبر، وما أعاد شيئاً بجزعه، وابتعد عن حبِّ ومعيَّة الله - عزَّ وجلَّ.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
يُتبع بأنواع الصبر إن شاء الله
دمتم سالمين غانمين ولله - سبحانه وتعاى - طائعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق