بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية
صورة اللغة العربيَّة عند ظهور الإسلام:
صافية رائقة، ناضجة راقية، لا يحتاج أهلها إلى قواعد من أجل تعلمها. يقول العربي:
ولستُ بنحوي يلوكُ لسانَهُ
ولَكِنْ سَلِيقيٌ أقولُ فَأُعرِبُ
(أعرب) بمعنى أرفع الفاعل وأنصب المفعول به دون أن أتعلم القواعد، فالعربي كان يتكلمها دون تكلف بخلافنا نحن نتكلف ونحن نتكلمها، بمعنى نتابع كلامنا ونتبع القواعد، العربي كان يتكلم اللغة العربية ولا يعرف القواعد كما نتكلم نحن العامية بعفوية، نتكلمها كما نتنفس الهواء، كذلك العربي كان يتكلم العربية.
أهمية اللغة العربيَّة
- لا بد أن نستشعر وصية النبي – صلى الله عليه وسلم:" كل منكم على ثغر من ثغور الإسلام، فلا يؤتين الإسلام من قبله" فلا بد أن نشعر بالفخار إذ إننا عرب مسلمون، وينبغي أن نستوحي قوله تعالى: "ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين".
ونحن ندرس اللغة العربية، أننا الأعلون بديننا ولغتنا وآفاقنا وطموحاتنا التي لا تقتصر على الدنيا فحسب ولكن تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك وتحلق بنا إلى الآخرة وإلى جنة عرضها السماوات والأرض.
ويجب أن نشعر أن لغتنا العربية لغة عزة وكرامة وانتماء وهوية، ولا بد أن نستشعر رونق اللغة وعظمتها وعذوبتها.
- ومن المؤسف أن نجد بعض شبابنا يعجب بلغة أجنبية أكثر من لغتنا العربية، ويتحدث بها والناس ينبهرون بمن يتحدث بالإنجليزية أو غيرها، رغم أن لغتنا العربية أرقى ويؤكد على ذلك علماء اللغة أنفسهم حتى لو كانوا من غير العرب.
ومن الأدلة على ذلك: ١ - اللغة العربية لغة اشتقاقية، نستخرج الاشتقاقات من رحم الكلمة نفسها، مثلا (كتب) نأخذ منها (كاتب – مكتوب) من داخل الكلمة نأخذ المشتق، بينما في الإنجليزية نضيف حروفا في بداية أو نهاية الكلمة، فاللغة العربية لغة اشتقاقية وتعطي الحرية لكتابها في الانطلاق بين الألفاظ بخلاف الإنجليزية فهي لغة إلصاقية، والاشتقاق من سمات الحياة (تؤخذ الكلمة من رحم الكلمة كما يؤخذ الغصن من رحم الشجرة)، بينما الإلصاق من سمات الجماد (عندما تبني حائطا تلصق حجرا بجوار حجر).
٢ - اللغة العربية لغة متحركة كتحرك الأشجار مع النسيم أو مع الرياح، ولا نجد ذلك في اللغة الإنجليزية نقول: - المدرسةُ صرح علمي شامخ.
- أحب المدرسةَ.
- ذهبت إلى المدرسةِ.
- الكلمة تتحرك في مختلف المواقع. لكن في الإنجليزية هل نقول: The school is good بضم school أو فتحها I like The school أو كسرها i go to The school والحركة من سمات الحياة، أما الجماد فهو من سمات الموت.
٣ - اللغة العربية لا تبدأ أبدا بساكن، لا بد أن تبدأ بمتحرك، أما الإنجليزية فتبدأ بساكن نقول: school وهذا يخالف طبيعة الحياة التي يجب أن تبدأ بالحيوية والنشاط، فإذا بدأت المسيرة بسكون وموت كيف ستنتهي؟ فهذه هي لغتنا الجميلة لغة الحياة التي يجب أن نحرسها ونتمسك بها ونحافظ عليها ونعلي قدرها، وانظر علم التجويد في قوله تعالى: "وقلِ اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون". الفعل (قلْ) أمر مبني على السكون وجاء بعده ساكن فتحرك لأنه لا يلتقي ساكنان في اللغة العربية، وكأن الفعل وجد نفسه أمام الفعل (اعملوا) أمر بالعمل فرفض السكون وتقبل الحركة، ما أجملا من لغة والله يحق لنا أن نفتخر بها.
٤ - اللغة العربية لغة ثرية وليست كما يزعم البعض أنها لغة صعبة، أو أن النحو صعب، فانظر لو قارنا بين بستانين أحدهما ثري ومليء بالثمار والأزهار والرياحين والجداول وغيره لا يوجد به شيء من كل هذا ، هل يجوز أن نبين الثراء بالصعوبة؟ هل تستوي الصحراء الخالية بالبستان المزهر المليء، القصر صعب والكوخ سهل، هذا هو حال اللغة العربية ثرية وليست صعبة.
٥ - انظر إلى بعض المفردات: ضمائر المخاطب: (أنتَ – أنتِ – أنتما – أنتم – أنتن) مقابلها في الإنجليزية (You) وتستخدم للمفرد والمثنى والجمع المذكر والمؤنث. هذا دليل على ثراء اللغة واحتياجها للجهد منا جميعا، وأن نزهو ونفخر بها؛ لأن هذا الشعور هو الذي دفع العرب للارتقاء بلغتهم.
حفظ الله لغتنا وبارك لنا فيها
دمتم بكل خير وصحة وسعادة وراحة بال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق