أول حادثة قتل على هذه الأرض.
تعالوا؛ لنرى أوَّل حادثة قتلٍ على هذه الأرض.
- قال تعالى: "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ" [المائدة: ٢٧]
- إنَّ ابني آدم هذين في موقف لا يثور فيه خاطر الاعتداء في نفس طيِّبة. فهما في موقف طاعة بين يدي الله. موقف تقديم قربان، يتقربان به إلى الله: "إذ قرَّبا قرباناً". "فتُقُبِّل من أحدهما، ولم يُتَقبَّل من الآخر".
- تصوِّر الآيات نموذجين من البشر، نموذجاً يمثل الشرَّ والفساد وسوء الخلق، ونموذجاً آخر يمثل الطيبة والوداعة والسَّماحة والتَّقوى وحُسُن الخلق، وتوقفهما وجهاً لوجه، ويتصرَّف كلٌّ منهما حسب طبيعته وصفاته.
- قال الذي لا يتَّصف بالتَّقوى: "لأقتلنَّك".
وهكذا يبدو هذا القول - بهذا التَّأكيد المنبئ عن الإصرار؛ لأنَّه ينبعث من غير موجب؛ اللهُمَّ إلا ذلك الشُّعور الخبيث المنكر. شعور الحسد الأعمى؛ الذي لا يُعمِّر نفساً طيِّبة.
- قال: "إنَّما يتقبَّل الله من المتَّقين، لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك، إني أخاف الله ربَّ العالمين".
- وهكذا يرتسم نموذج من الوداعة والسَّلام والتَّقوى؛ في أشدِّ المواقف استجاشة للضَّمير الإنسانيِّ؛ وحماسة للمعتدَى عليه ضدَّ المعتدِي؛ وإعجاباً بهدوئه واطمئنانه أمام نذر الاعتداء؛ وتقوى قلبه وخوفه من ربِّ العالمين.
- وقوله تعالى: "فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ" أي: فحسَّنت وزيَّنت وسوَّلت له نفسه، التي خطامها في يد الشَّيطان، وشجَّعته على قتل أخيه فقتله، أي: بعد هذه الموعظة وهذا الزجر.
- وقوله: "فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ". أي: في الدنيا والآخرة:
- فقد خسر أخاه ففقد النَّاصر والرَّفيق. - وخسر دنياه فلن تهنأ للقاتل حياة. - وخسر آخرته فباء بإثمه وإثم أخيه. وأيّ خسارة أعظم من هذه؟ وقد قال الإمام أحمد، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُقتَل نفس ظلمًا، إلا كان على ابن آدم الأول كِفْلٌ من دمها، لأنَّه كان أوَّلَ من سنَّ القتل".
- فكل حادث قتل بعدها إلى يوم القيامة سيعود منه نصيب إلى ابن آدم الذي قتل أخاه؛ فهو أول من سنَّ القتل.
- من سنَّ في الإسلام سُنَّة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده دون أن ينقص ذلك من أجورهم شيء، ومن سنَّ في الإسلام سنَّة سيِّئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده إلى يوم القيامة دون أن ينقص ذلك من أوزارهم شيء.
اللهم اهدنا واهد أولادنا وأولاد المسلمين يا أرحم الرَّاحمين يا رب العالمين..
وكل عام أنتم جميعا بكل خير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق