الجمعة، 27 سبتمبر 2019

حكايات طائشة ... (( صباح خلف العتابي ))

حكايات طائشة
الحكاية رقم ( ٢١)
في ذلك اليوم استيقظ كل من في البيت حتى قبل صياح الديك ... والعجيب هناك فرحة ما تلمع من تلك العيون الصغيرة ، وهي تخترق النعاس المتعلقة بقاياه في الاجفان ، والاكثر عجبا ان افطارهم بدأ وانتهى بسرعة وكأنهم يستعجلون الشمس بالبزوغ ،
— لماذا لم تشرق الشمس اليوم ؟؟؟
هشمته هذه الكلمات العابرة ، وهو يرى تلك الوجوه الذاوية مشرقة على غير العادة ، وكأن كل واحد منهم ينتظر دميته اليوم ... اما هو ، فها هو يتوه بين زحمة الكلمات حيث الافكار تجلد رأسه وهو يحاول ترتيب الاولويات وهي كثيرة ازاء ( راتبه) القليل الموعود استلامه اليوم .. الاولويات التي تغرقه في بحور متلاطمة غير مستقرة تهز كل عضو فيه ، وليس بمقدوره السيطرة عليها . بين احلام الاطفال اليوم والاحساس بأن هناك قدم عملاقة تسحقه كل يوم .. وكمن يصحو من غيبوبته سمع زوجته تقول :
— الجهال يريدون عنبا اليوم ...
القى بنفسه خارج البيت مبكرا .. وصورة احد اطفاله يرقص ويغني ( الراتب اليوم ... اليوم الراتب ) ههه ههههه ضحك
ونظر الى السماء فوجدها صافية جدا ، وفي مساحة منها ثمة طيور للجيران تتزاحم ، أُعجب بواحدة منها ، ذلك الطير الفضي اعجبه جدا ، ثم هم اقدامه صوب دائرته لاستلام راتبه ، ويأتي بالعنب الموعود .
وكأنما اصبح جسده كله حاسة واحده راح يتقدم الى الامام كأنه جواد ينحدر نحو انثاه .
الشمس امام عينيه بالضبط تفرغ فيهما بعض الحساسية فحك عينيه ، لم يعد يرى الطيور .. الاان طيرا معدنيا وبشكل مفاجئ ظهر في السماء يزأر ويمزق الاذان صوته
— انها طائرة .. !!!!!
قالها بعض الناس .. ابتعدت قليلا ولكنه تابع سيره باصرار ، و خوف من لا يستلم اليوم راتبه ،
— والعنب ماذا عنه ؟؟
لم يكد يكمل قوله حتى دوى صوت رهيب .. ارتجت الارض ، وقلبه كاد ان يغادره ، ثم تعالى غبار اسود كثيف .. دخان ملئ الارض والسماء .. واصوات مذعورة تعالت :
— صاروخ .. انه صاروخ !!
يبدو ان طائرا فضيا اخر .. قد أثار الخوف .. وملئ الافاق طينا .. وصخورا ، ونارا ..
استوقف الناس بعضهم بعضا .. واشتد الجدال واختلفت الاراء ، في موقع سقوط الصاروخ ، ولكنه بالتأكيد قريبا جدا .. واندلعت اصوات سيارات الاسعاف ، والاطفاء وهي تولول ، وقد علت اصواتها وهي تتجه صوب المكان كما يبدو ، ركض مع الراكضين ، قدماه لاتحملانه الان والقلب بات متأكدا من ان لا راتب اليوم
وقد ضاعت احلام العائلة الكريمة وقد افلست من العنب
— لاعنب اليوم .

(( صباح خلف العتابي ))

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سؤال. والصمت الجواب ... كلمات .. عبدالفتاح غريب

  سؤال. والصمت الجواب من أضناه بعد طول الصبر الحنين ومضى على درب ذكرى ولت بمحراب الوتين دام بحلم باللقاء يناجي نجم طيف بالرجاء حجب عن حناي...