أثر التهاون في علاقتنا
مشاكل الأسر في المجتمع الحالي تتفاقم وتزداد تعقيدا يوما بعد الآخر. و سبب هذه المشاكل آفة العصر من بينها الإنحلال في العلاقات الإجتماعية و التأثير السلبي لمواقع التواصل الإجتماعي وعدم مراقبة الأسر لأبنائها في ظل الإنغماس في ملذات الحياة و تأثير المادة على معاني التربية و السلوك و الثقة المفرطة في أبناء مراهقين و مراهقات ضاربين بعرض الحائط الأعراف و القيم ...
حين نتهاون في علاقتنا مع أبنائنا أو حين نتجاوز حد العلاقة بالسماح لبعض الأفعال المريبة ونغض الطرف عنها تكون النتائج وخيمة و غير مرغوب فيها.
فتاتان صديقتان استغلتا ثقة أسرتيهما الكبيرة بهما و لم تتوقعا العواقب التي وصلتا إليها بسبب تصرفاتهما الرعناء... لقد كانت كل واحدة منهما تخبر أسرتها بأنها تييت عند الأخرى ثلاثة او أربعة ايام... فتتصلا بوالديهما كل يوم على أنهما تتواجدان عند بعضهما البعض، من أجل التهييئ للإمتحان.
كل أسرة تثق بما أخبرت به ابنتها لان الفتاتين تجاوزتا سن المراهقة علما أن الأسرتين تربطهما علاقة صداقة دائمة. يعني هذا أن هناك أمان لا شك فيه. فالزيارات كانت من أيام الدراسة والمراجة.
لكن و للأسف لم يبق الحال كما كان من قبل فاستغلتا الفتاتان هذه الوضعية والثقة الزائدة الممنوحة لهما. فأصبحت كل واحدة تكذب على أسرتها أنها مع صديقتها وسط أهلها، والحقيقة أن كل واحدة كانت تذهب لمغامرات و سهرات مع شباب... و يوهمتا أسرتيهما بطريقة غير مباشرة أنهما معا باتصال هاتفي من غرفة اتصال مجموعة... إلى أن تكرر المشهد مرات عديدة، و الأسرتان لا تعلمان الحقيقة.
في أحد الأيام لم تتصل إحداهما بوالدتها للإخبار فاتصلت الأم لتسأل أسرة صديقتها وتشكر الأم الأخرى على ضيافتها وحسن تعاملها مع ابنتها لما كانت تصور وتبعث من خيرات... استغربت أم الصديقة فأنكرت تواجد ابنتها بينهم وتساءلت عن تواجد ابنتها هي الأخرى بعدما اتصلت و قالت لأمها غذا سأعود ومعي صديقتي لتمكت عندنا بضعة ايام !!
تفاجأت كل أم بقول الأخرى و كيف يحصل هذا .
كل واحدة منهن بدأت تتذكر شيئا مما كان يدور في المكالمات الهاتفية التي مرت سابقا مع ابنتها. أو حدث أو اتصال..
هاتف المختفية كان مغلقا وهاتف الأخرى لا يجيب فازداد القلق و الحيرة. التقت الوالدتان و لم تبلغا زوجيهما خوفا من ردود الأفعال العنيفة وهذا آكبر خطأ. عاشتا يوما كاملا في البحت عن هواتف صديقاتهما... و لا واحدة عندها خبر ! والخبر اليقين أنهما لم تحضرا الحصص منذ اسبوع ارسلتا شهادة طبية للإدارة لتتمتعا بغياب مرخص بكونهما مريضتان بكورونا..
ازداد الأمر تعقيدا أكثر فاضطرتا إبلاغ والديهما اللذين اتصلا بقسم الشرطة للإستعانة به في البحث عن المتغيبتين. و لحسن الحظ أن إحداهن كان بهاتفها بيان الموقع كان سببا في التعرف على مكان تواجدها. لقد كانت ببيت خارج مدينتهما.
قامت عناصر الشرطة باللازم عثر عليها في حالة غيبوبة تامة وسط وكر فنقلت على عجل للمستعجلات ...
بحثوا في هاتفها ليجدوا آخر الرسائل المبعوثة من صديقتها التي صرحت أنها مع صديق لها وعدها بالزواج بمدينة أخرى.
كانت الرسائل دليلا لمعرفة ما جرى، و لكن التفاصيل و المكان لم يكن محددا ..
و لحسن الحظ أيضا أن رقم من كانت معه مسجل بالإسم الذي كان بالرسائل .. تابع الأهل و الشرطة البحث إلى أن اهتدوا للمكان. لكن للأسف كانت الفتاة تعاني من جروح و كدمات. لقد اكتشفت حملها ولما أبلغت من وعدها بالزواج هددها بإسقاطه لأنه غير قادر على تحمل المسؤولية... كانت بالنسبة له نزوة جنسية و هي صدقت الكذبة، فضاعت وضيعت من تعبوا في تربيتها و تمنوا أن تزهر وتتفتح أمام أعينهم.
أما الفتاة الثانية فقد اختلط دمها بما كانت تاخذ من مخدرات خطيرة و تروج لها.
اين الخلل ؟ اين نحن مما يقع ؟
كانت الأسرة محافظة لا تقبل أن يبيت الغريب ببيتها ولا تقبل أن تبعث بناتها للمبيت في غير مبيتها..
فانقلبت الأوضاع وانهزمت المبادئ بدعوى التقدم و ضاعت القيم فانسدت العلاقات وقطعت بسبب النفوس الضعيفة وخبث الافراد.
هي من الواقع.. والخلاصة أن مجموعة الأسر لم تعد تملك زمام الأمور، و لم تعد قيمة الآباء كما كانت. لقد أصبحت تقلد دون أن تقيد وتسيج... امور باتت واضحة بسبب ما أصبحنا نراه و نعيشه من سوء أحوال و نسمع أهوالا.
للأسف نحن من تغيرنا ولكن للأسوء....
للاإيمان الشباني