
*** السبعون والنيّف في المنفى ***
في عامي ..وسواد شَعري ..وهلهولة أمي ..
حملوني بآهاتي .. إلى غير رجعة
افرح ياولدي ... اسعَد..تأنق ..تعطٌر
أرقص على ساق ٍواحدة
يا أمي ..يا أمي
أنا أمام القاضي
ما اسمُك ؟
مجبور
أيّ اسم هذا ؟
أنا المجبور ياسيدي القاضي
أنت ِ ..ما اسمُك ؟
سعيدة
أي ّسعادة أنت ِفيها وزوجك المجبور ؟
طرق المطرق ثلاث
محكمة
القرار
نفي مجبور.... إلى جزيرة القبور.
السيّاف ..
ضعوا قناع الحديد في رأسه
اربطوا معصميه بباقة ورد ليلة الدخلة
وهكذا بدأ منفاي
تعرفت ُعلى أقوام يونس
عانقت ُالحوت !!.... التَمَسْتهُ...
أن أكون وليد بطنه !!.. التَمسْتَه أن لا يلفظني
أغمض عينيه .. وبكى
أهداني ..حبة يقطين ....وبكى
هوّنْت ُعلى نفسي
جرعت ُ اليقطين المطَعّم بذرات الرمل .
قضيت ُ أيام العرس بين سكان الجزيرة .
احتفلوا...
ارتدوا بدلاتهم الأنيقة
من القماش الرقيق المصنوع من لحم الله
والكعوب المطلية ببريق ذرات الرمل
جاءت سعيدة ..تتبختر ..تتفاخر
كأنها نالت جائزة الله
وأنا المجبور
صرت ُمجبوراً حتى على أنفاسي
عُزِفَت سمفونية الموتى الأغراب
راقصتني سعيدة وهي تتمايل
وأنا المجبور
صرت ُ مجبورَ الابتسامة لجلاسي
قضت ليلتي الأولى
واندثرت عندها المشاعر
لم تحضر أمي ..صباح عرسي
ولم يَكُن عندي فطور
حضر ملك القبور
يقدم التهاني !! وهو المجبور
دعاني وسعيدة ..لقتل الطيور
فرِحَت سعيدة
وبترت رقاب كل الطيور
أغض الطرف !! .. أتألم ..وأنا المجبور
رسمتْ سعيدة كفّيها على حيطان القبور .. بدماء الطيور
تفَنّنَت سعيدة برسم الكف !! وجاءت بدمه عند سريرها ..ووسّمَت كل َالرفوف
انقضت سبع ٍمن ليالي العُرس
توقّف ضرب ّالدفوف
انقضت ليالي السبعون والنيّف
ورقبتي تُذبح عند كل ّ أذان
بكل ّ ما مُثلَم من السيوف
استأنفت أمي قرار النفي
بعد أن عشعش القمل عند يافوخها ..من الندم
بعد أن تجعّدَت خصيلاتها البيضاء
التي نبتت من العدم
أبى القاضي السماع
لأن أمي والقاضي ..بلغا السن القانوني ..لحواء وآدم
رُكِنت ملفاتي عند .........قابيل
صفراء ٌخاوية ... أُقْتِطعَت من أنياب العثّة
دُفِنَت ملفاتي ....عند هابيل
بفضل الغراب ...الذي لم تبتر رقبته سعيدة
تطايرت إحدى وريقاتي ...بخط القاضي ..
جرَتْ خلفها ..ساقاي
ورقبتي معها لاتّباع الأثر
حطّت وريقتي ..عند قدمي سعيدة
حدّقْتُ فيها
كان كَلِمَ القاضي .... يوصيني
( لاتيأس من رحمة الله )