الأحد، 21 يناير 2018

القصة بعنوان: ***رسالة سما الى ماجدولين*** بقلمي الأديبة المغربية .... عفاف العرابي.

.السلام عليكم أصدقاء الروح....
ادرج هنا الجزء الاول والثاني من قصتي العادية.. في اطار التذكير بالاحداث....فقط

..
القصة بعنوان: ***رسالة سما الى ماجدولين***
**في حديقة البيت يا ماجدولين , تشبعت الارض بالخضرة وتلونت المزهريات بكل أنواع الورود, التي زرعنا بذرتها في ذالك الخريف الماضي , لم نضرب حساب الفرقة اذ لم نكن على دراية بحجم الوجع الذي ألم بنا بسببها, لم نكن نعلم أننا سنخط الرسائل المجردة من العناق والشوق والاحساس بدفىء وجودك معنا اذ آلمنا ذلك كثيرا فقرار التحاقك بالمدينة كان حلما لم نستيقظ منه الا على وقع رحيلك الحتمي.
***كنا يا ماجدولين نخرج كل صباح حاملين سلة الأزهار الفارغة نتجه نحو البساتين المجاورة, نسترق النظر الى شرفات أهل بيوتها, يغمر قلبينا البهجة بلحظة مشوقة نراقب تطلعهم علينا ونحن نقطف الازهار اليافعة ونركض, نتعثر في فسائل الاغصان والنباتات , نرمي بالخطوات هنا وهناك.
تبعثر ريح الربيع ضفائرنا , يداعب النسيم وجنتانا لتتورد كتلك الالوان الزاهية في الطبيعة من حولنا..

كانت الخضرة تلون الارض على بعد أميال, وكانت العصافير تعتلي الأشجار العاتية, تصفف الاعشاش لصغارها الذين ضج مرقدهم بالصراخ الخافت فاتحين أفواههم الصغيرة في انتظار لقمة طرية تشبع بطونهم المتلهفة ,تكفيهم لحين قرصة جوع مؤجلة يكررون الصراخ, لتقوى أجسادهم و أجنحتهم يستطيعون اذ ذاك الطير في السماء كسابقيهم.
***كنا نركض ونركض لتتوالى أنفاسنا تستغيث التريث من فرط الفرحة ببهجة الحياة في احتضان الطبيعة,كنا نرتمي في أحضان العشب , نراقب تلك الصورة الجمالية ونتابع تحركات العصافير ونتطلع لخبايا أسرارها مراقبين كل حركاتها المسرعة تتنقل من غصن الي غصن ومن عش الى عش, كأننا ضيوفا متطفلين, حين تعلو ضحكاتنا كانت تطير فزعا تراقب الجوار متسائلة من يعكر صفو خلوتها في تلك
المملكة التي تتربع عرشها دون منازع.

الحياة فارغة بدونك يا ماجدولين.. فلتذهب الى الجحيم لقمة العيش التي تجعل مني حطام شبح يعيش على ذكرياتنا معا.
****عاودي الديار فكل الأماكن تسأل عنك, غرفتك المرتبة كما كنت تفعلين, قاعة المطالعة في الفناء الخلفي للمنزل, صديقات الطفولة, ساعي البريد ,وعمي أحمد بائع المواد الغذائية بالبلدة, الأزقة التي عبرناها سويا قاصدين تانوية البلدة البعيدة بعد كيلومتران, جارتنا أم عبدو التي لازالت تسأل عنك آملة أن تزور بيتنا حاملة باقة الورد وقالب الكاطو تطلب يدك لابنها معلم اللغة العربية الوحيد بمدرسة البلدة.
عودي يا توأم الروح فالحياة فارغة بدونك ,وعهدنا الذي قطعناه سويا في يوم بعدم الفراق لن تخدليه بغيابك اليوم **سما **لم تعد تتحمل ألم البعاد ,ولا الفراق عنك اكثر.
############بداية الجزء الثاني###########
اغرورقت عيناي يا سما من فرط حزنك الذي يضاهي حزني لفراق أرض الطفولة المشعة بكل تلك التفاصيل الجميلة التي تسردها رسالتك المؤثرة, وبفراق بيتنا , و أبي أمي وانت وكل ذكرياتي. فلا يأخذك الحزن لذلك.
منذ سنين مضت كنا نراقب أجيال بلدتنا يخوضون المعركة, راهنو على النجاح وكسبوا الرهان, اتذكرين زينب ابنة خالتي هنية تابعت دراستها بجامعة المدينة وتخرجت وعاشت بها مع زوجها الذي كان يدرسها, عندما كانت تعاود البلدة كانت تبدو عليها بهجة الحياة الجديدة وكنت أتوق شوقا لنهج طريقها.
أبشري لتوأم روحك بالسعادة, فقد عانقت الحرية في ذاك الصباح الربيعي الجميل حين حطت قدمي باص البلدة متجهة نحو مستقبلي الجديد بالمدينة والذي كنت أتوق اليه وسعيت جاهدة كي أشق طريقه نحو حياة أفضل اريدك معي بها مستقبلا.
من شرفتي الجانبية على الباص صرت اتطلع الى الطريق الطويل الذي كان يبتعد شيئا فشيئا كلما تقدم بخطواته الى الامام واتطلع الى المستقبل الذى يقترب عكس الطريق نحو المدينة.
جلست الى جانبي بالمقعد سيدة جميلة الملامح حسنة المظهر في وسط العمر ليس بالهرم وابنها الوسيم, صعدا عند توقف الباص في اخر محطة قبل الوصول للمدينة.
استرسلنا الحديث سويا فقد بدت على ملامحي الدهشة في اكتشاف الجوار من نافذتي الجانبية. مما. اثار فضولها. و سألتني مستفسرة..
هل أنت من المدينة.. ؟؟؟؟
قلت.. لا أنا زائرة جديدة وهذه أول رحلة لي سيدتي.
قالت. كيف ؟
قلت. لقد انهيت لتوي دراسة المعهد ببلدتي والتحق بالعمل في المدينة.
بينما نتبادل أطراف الحديث اذ بابنها يأخذه الفضول ويسألني بدوره..
وما هي وجهتك الوظيفية.؟؟؟؟انا ايضا اعمل بالمدينة ويمكنني مساعدتك.
فتنهدت الصعداء لكلماته التي وجدت فيها طوق نجاة لي فأنا بالكاد أعرف اسم المدينة وعمي احمد صديق أبي الذي هو في انتطاري من اجل تأمين السكن الائق بي.
فقلت له:
نعم لما لا؟؟ فأنا غريبة وتجربتي معدومة بخبايا العمل والعيش بالمدينة.
قال :اذن ربما جمعنا القدر لأجل ذالك. فلن أخذلك.
فقطعت والدته الحديث قائلة.. نعم يا ابتي عمر ابني ولد طيب وأنت في مقام أخت له يستطيع مساعدتك.

سعدت لكلام السيدة وابنها. وأدرت براسي نحو نافذتي الجانبية رغبة في النظر من جديد الى تلك الطريق البعيدة اخطط لكلام عمر وكيف انه أثلج صدري بعرضه ,والاغرب من ذلك, الشعور الذي انتابني وانا أرمق من عينيه نظرة الاعجاب والابتسامة الهادئة يحاول سرقة النظرةأثناء انشغال والدته بهاتفها الخلوي يهديني اياها في صمت.
اختلطت الافاق يا سما وصرت اقترب من الهدف فقد لاحت أسوار المدينة من بعيد في أول بزوغ بنايات هزيلة متراصة على الجوانب من هنا هناك , ليتقدم الباص اذ حط اخر محطاته بها.
انها لمدينة عريقة عريضة طرقاتها, شامخة بناياتها, مبعثرة حدائقها في كل مكان, شعرت بانتمائي لها باستنشاق اول نسمة من عليلها, جوها ربيعي هادىء. هجرني احساس الغربة من اول وهلة لامست قدمي أرضها.
وجدت عمي احمد في استقبالي يرحب بي ويطمئنني عن السكن الجديد, وبينما نحن في وجهتنا لركوب التاكسي اذ بيد تمد لي ورقة مكتوب عليها عنوان ورقم هاتف عمر. نعم يا سما لقد لحق بي ذاك الوسيم الهادىء. اخذت الورقة ورحلنا.

وصلت البيت الجديد, كان لائقا بما يكفي غير بعض الترتيبات التي كما تعلمين يجب ان تكون على ذوقي.
خلدت الى النوم في أول ليلة لي بالمدينة لتغيب عني غمضة العين الممزوجة بفرحة بلوغ هدفي واحساسي المختلط بالخوف, والغربة من المكان. اعانق ورقة هاتف عمر. لا أذكر كيف غفوت ليبزغ داك الفجر الجديد...
فكان صباحا مبتهجا. تسلل شعاع شمسه عبر نافذة تنعدم من الستائر الحاجبة للضوء.
انتفضت من مكاني عازمة بدأ الحياة العملية الجديدة. بكل نشاط وحيوية متناسية أرق الليلة الماضية و وحشة المكان الجديد.

تزينت بفستاني الجديد وسدلت ضفيرتي على كتفي الايسر
وحملت حقيبتي أقفل باب المنزل باحكام. لأصادف جارتي ام وليد الصغير الذي سمعت صراخه قبل ذلك من فرط الجوع كما قالت.
قلت صباح الخير...
فردت الصباح مرحبة بوصولي وتهنئتي بالعمل الجديد.
فعمي احمد خبرها عن تفاصيل وجودي بالمدينة لانها مالكة المنزل.
قلت ..شكرا على حفاوة الترحيب استاذنك فقد حضر باص العمل.
قالت.. اتفضلي واذا احتجت اي شيء انا بالخدمة.
شكرتها وانصرفت..

ركبت الباص لاتعرف على زملاء كانوا على دراية بوصول موظفة جديدة من بلدة بعيدة. فاستغربت الترحيب السخي و تطفل البعض في معرفة تفاصيل انضمامي للعمل ولكنني كنت شاردة اتساءل عن ظروف العمل الجديد. واحاول التعرف على الوجوه من حولي لاجد من بينها وجها ألفته من يوم واحد فقط أحسسته عشرة عمر كامل. فقط كان عمر من بين الموظفين يراقبني من بعيد وينتظر الفرصة السانحة للوصول الى و الحديث معي وسط هول ترحيب الزملاء .
يا للهول كيف لهذه الصدفة العجيبة أن تحدث انه عمر..
عمر الوسيم.. لقد صدق القول في ذكره للقدر الذي جمعنا في باص البلدة ليعاود الصدفة ويجمعنا في باص العمل بل وربما يجمعنا العمر كله.. انها بداية السعادة... صرت اذكر نفسي بهذا الحديث وانا تحت هول الصدمة تغيب نظراتي في اخر مقعد الباص مكان جلوس عمر...
اقول واعيد القول.... انه.عمر....بالفعل عمر.
فكان أحلى ما صادفني ذاك الصباح ليطمئن قلبي. انه القدر.

لقد بدأت حكايتي مع عمر والوظبفة الجديدة يا سما. فلم تكن احلامي بمغادرة البلدة والالتحاق بالمدينة عبثا. وقد وصلت الهدف.. وانا بانتظارك تلحقين بي. فتعالي... اذن.
ليجتمع شمل توأمنا من جديد.

والسلام
النهاية السعيدة بهجة حياة.... تستحقونها

من حبذ الجزء الثالث من القصة يكتب تم...
..................

بقلمي الأديبة المغربية .... عفاف العرابي.

أعجبنيعرض مزيد من التفاعلات
تعليق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سؤال. والصمت الجواب ... كلمات .. عبدالفتاح غريب

  سؤال. والصمت الجواب من أضناه بعد طول الصبر الحنين ومضى على درب ذكرى ولت بمحراب الوتين دام بحلم باللقاء يناجي نجم طيف بالرجاء حجب عن حناي...