الأحد، 26 أبريل 2020

قصة قصيرة بعنوان ‘’قمرالليل المستحيل‘’.... قلمي/محمد السعيد بصلة

#قصة قصيرة بعنوان ‘’قمرالليل المستحيل‘’
*كانت تبدو لي حلماً بعيد المنال ويبدو أنني لم ألوح في إطار أحلامها رغم تفوقي المُلفت في مدرسة البلدة الثانوية المشتركة الوحيدة ورغم صيتي البعيد في التفوق والأهم رغم حُبي لها في الظلام وحيداً مُتألماً ومن طرف واحد فقط فأنا لم أكن واحداً من أطروحات خيالها فهى فتاة رومانسية حالمة تُحلق كالفراشة حول منزلها الجميل البهي الذي يُعانق مدخل البلدة وعلي الطريق الرئيسي للسفر بين المدينة والقُرى والعِزب والنجوع. منزل جميل واسع كأنهُ سراية باشا من باشوات ذلك العهد البائد ومن خلفه تترامي حقول البلدة حتى لا يحدها النظر ولكن يُقابل المنزل الفخم العتيق الطراز من الجهة الشمالية مدخل القرية وشوارعها ودروبها وبيوتها الضئيلة الصغيرة التي تُشي بحال أصحابها .كان أبي مُزارعاً ذو ملكية صغيرة لا تتجاوز خمسة أفدنة ولديه خمسة بنات غيري وأمي ونسكن في بيت صغير محشور في إحدى أزُقة البلدة.كان أبي حقاً فلاحاً ولكن كان مُستنيراً حافظاً لكتاب الله ويبدو أنه قطع شوطاً طويلاً في مجال العلم ولم يكتمل لظروفة والديه الصعبة ولكنه أورثني حُب العلم وأن يُعوض فى ما لم يناله ولم يتمكن منه في حياته الطويلة فكانت الدراسة هي كل همي بل والتفوق فيها علي الجميع أغنياء وفقراء مما كان يُثلج صدر أبي وأمي وإخوتي البنات إلا قلبها لم أغزوه رغم شهرتي في التفوق والنبوغ ولكنها لم تلتفت لي يوماً أو تستدير بوجهها لي رغم أنني كنت أتعمد الذهاب والمجئ للمدرسة من طريقها وكنت أباعد مشوار المدرسة القريبة من بيتنا لأُشاهدها وهي قادمة تمشي حالمةوخصائل شعرهها الهفهاف الناعم ينسدل في دعة علي جبينها الأبيض الوضئ وعينيها السوداوين الواسعتين اللتين يُخامرهما حياءٌ داخلي مُحبب .أختلس منها النظر وعندما تقع عيناها علىَّ فجأة وأنا أختلس نظرة خاطفة أرتبك وأذهب بوجهي إلى الجهة المُقابلة ولا أدري رد فعلها.كنت أُحبها وأخجلُ منها وأرتبك أمام نظرات عينيها وكأنني الفتاة وليس الفتي وهذا ما كان يؤرقني ويُنغص على بكارة مشاعري .سنواتٌ ثلاثةٌ مضت هي فترة الدراسة الثانوية والتحقتُ بعدها بكلية الطب حلمي وحلم أبي الذي باع فدان من أجل الإنفاق على إلحاقي بالكلية الحلم.أما هي فقد إكتفت من تعليمها او ما شابه فقد كان والدها من أعيان البلدة ووجهائها ومن أغنيائها المعدودين وسمعتُ أنهُ قد تقدم لخطبتها العديد من شباب البلدة والمدينة الميسورين وأنها في نهاية المطاف قد تزوجت من راقص في فرقة شعبية يعمل في مجال الفن ولكنه من الأثرياء وأباه من البهوات المعدودين وأنجبت منه طفلين وتزوجت بصورة دائمه في بيت أبيها ولا أعرف لماذا فرحتُ بذلك ؟ هل لأنها لن تبعد كثيراً عن ناظري وعن البلدة بأسرها؟ مما كان يتيح لي الفرصة في أثناء عودتي بعد إنتهاء الدراسة أن أمُر ببيتها لعلي أحظى برؤيتها من قريبٍ أو من بعيد ليرتاح قلبي الذي ما زال مُتعلقاً بها رغم أنها صارت في حوزة رجلٌ آخر..كنت قد تخرجتُ من كلية الطب والتي إجتهدتُ كثيرا فيها ً ان أبزُ الكثير من الزملاء حتى ألفت نظرها ولكن لا فائدة..واستلمتُ العمل كطبيب إمتياز في بلدتي الصغيرة وشرعتُ في إفتتاح عيادة صغيرة بأتعاب زهيدة في متناول الأسر الفقيرة وبفضل الله زادت نجاحاتي فقد كنت ممارس عام في مجال الطب وزادت شهرتي حتي وصل صيتي إلي المركز وأكملت في نفس الوقت دراساتي العليا وقطعتُ فيها شوطاً طويلاً حتي صرت علي مشارف الحصول علي الدكتوراه.ولما لم يكن لدى وقتاً للنساء وقد أُغلق قلبي على حبيبتي ولا يرى غيرها فلم أكن تزوجت بعد حتى وضعني أبي أمام الأمر الواقع وزَّوجني من إحدي قريباته ليطمئن على ويرى أحفاده فرضخت وتزوجت فتاةٌ طيبة مُطيعة وأنجبتُ طفلاً.ومرت الأيام مملة رتيبة لا جديد فيها سوى أني إنتقلتُ إلى منزل جميل فسيح بحديقة كمنزل حُبي الأولِ ومع ذاك لم أكن أشعرُ بالسعادة الكاملة حتى طُرِقَ علي طارق باب المنزل ذات ليله بدقات سريعة وعنيفة حوالي الساعة الثالثة قرب الفجرً في ليلة من ليالي فبراير الباردة فإذا بي أري شبحاً طويلاً ونحيفاً في الخارج يلفه الظلام يرجوني بتوسلٍ شديد : أنا أسف يادكتور .أرجوك إلحقني.زوجتي بتموت. فقلت له: دقائق أرتدي ملابسي وأكن معك علي الفور..ونحن في طريقنا بسيارته إلى منزله .تأملتُ وجهه النحيف الشاحب وقلتُ في نفسي : هل أعرف ذلك الرجل .أو رأيتهُ من قبل؟ وكانت الإجابة في عقلي: لا.ثم قطع الصمت الممتد بيننا بصوته المُتهدح والمآخوذ على زوجته : معلشي يادكتور أنا آسف .مالناش غيرك نروح له.زوجتي حالتها خطيرة جداً وأنت احسن طبيب في المديرية والجميع يحلف بحياتك.أخجلني كلامه وقلتُ مُقاطعاً: لا تقل ذلك يارجل أنا في الخدمة..وإن شاء الله تبقي بسيطة ونطمئن عليها معاً...ووجدتُ السيارة تقترب من منزل أحلامي القديمة والطريق الذي طالما دبت عليه قدماى .فعرفتُ من هو الرجل؟واهتز قلبي بشدة فهذة أول مرة سأدخل منزلها الذي لم أدخله من قبل وعلي يد من ؟ زوجها..وترددتُ بُرهة حائراً في بهو المنزل..فالتفت إلىَّ زوجها وقال: إتفضل يافندم.هنطلع فوق...وارتقينا السلم الخشبي الموصل لأعلي ..ثم دلفنا إلي حجرة واسعة يبدو أنها حجرة نومهما..فألقيتُ نظرة من بعيد علي ذلك الوجه المُغطى بشعرها الطويل والمُبعثر فوق جبهتها وخديها ذلك الوجه الجميل الذي أعرفه وحُرِمتُ منه مرت عليه السنون ولكنه ما زال مُحتفظاً ببهائه وجماله وما زال هو وجه حبيبتي فما اسعدني وما اشقاني في نفس اللحظة أراها بعد عناء وحرمان سنوات طويلة وأراها مريضة تُصارع المرض والموت فما أشقى قلبي؟ وخُيَّلَ الىَّ أني سمعتُ صوت آهه صادرةٌ منها خطفت فؤادي.أقبلتُ عليها بكل لهفة أتفحصها وكانت هي بين يقظةٍ ومنام لا تعي جيداً الأشخاص حولها .تفحصتُ نبضات قلبها وتفحصتُ عينيها ومعصم يدها لأرى حال النبض..وزوجها واقفٌ مُتلهف: خير يادكتور؟ فبادرته؟ من أى مرض تشكو ؟ فقال زوجها: أصيبت بمرض القلب من قريب وتدهورت حالتها كما ترى .فطمأنته ..لا تقلق..ستكون بخير بعد الكشف الدقيق والعلاح المتواصل المنتظم..وبقيتُ معها للصباح ثم نقلناها للمستشفي العام لتكون تحت الرعاية الطبية المكثفة والعلاج المتواصل حتي تحسنت حالتها بعد عدة أيامٍ قليلة وسمحوا لها بمغادره المستشفي علي أن تكون تحت رعايتي ومواصلة برنامج العلاج المُقرر.فجلبتُ ممرضة دائمة لرعايتها في منزلها تحت إشرافي..ومع الأيام تحسنت حالتها جداً وكنت أزورها مرتان كل يوم صباحاً ومساءً لأباشر علاجها..وذات مرة فاجأتني: أنا مش عارفة أشكرك إزاى يادكتور حمدي؟ لولاك كان زماني ميته..فربتُ دون قصد علي يدها: انا كنت سبب فقط والله هو الشافي..ثم أردفتُ مُتردداً وكأنها شعرت وقرأت ما يدور بداخل عقلي: مالك يادكتور حمدي .تكلم .عاوز تقول حاجة ؟ فقلتُ لها بلهفة: طبعاً تعرفيني من زمان..فقالت ضاحكة: طبعاً أعرفك من زمان .إنت يادكتور نسيت إننا كنا زُملا؟ ثم ضحكت من قلبها وهمت أن تقول شيئاٌ ولكنها توقفت. فقلتُ لها : قولي لماذا سكتي؟ أنا مستعد لأى كلام تقولينه حتي لو كان في غير صالحي.هذا صار من الماضي ثم إقتربتُ منها وقلتُ لها ضاحكاً :قولي لا تترددي.سِرك في بير...فضحكت وقالت: كنت بضبُطك وانت قاعد تبُص علىَّ وأول ما أحاول أقول لك شئ أجدك أشحتَ بوجهك عني فاُتعجب وأتضايق منك فكيف سأتكلم معك وأنت تُشيح بوجهك عني خجلاً.إنت كنتَ خجول اكثر من البنات نفسها..ثم ضحكت قائلة : ياخساره .فاتك نُص عُمرك..هزت هذة الجُملة الآخيرة أوتار قلبي بشدة حتي شعرتُ بما يُشبه الترنح وكأنها قرَّبتني أكثر إلي صدرها وستعترفُ لي بحُبها فُسُمِع صوت شهيق أنفاسي بشدة..فقالت لي : ياحمدي مالك.شكلي أنا إللي هاعالجك.اجلس يادكتور حمدي ..ثم قالت لي بصوت خفيض وهي تقترب مني جداً وأنفاسها في انفاسي ووجهها الجميل في وجهي: حمدي .خلاص احنا الوقتي كِبرنا وبقي عندنا أُسر وأولاد وانا كان ممكن الا اقول لك شئ وأُخبئ عنك..لكني صارحتك لأنك عاقل ومُتزن ولانني أعلم بما يجول في قلبك من ناحيتي من عاطفةرائعة أُحبها كثيراً منك وفي قلبي لك عاطفة كبيرة وارتياحُ بلا حدود. فدعنا كما نحن دون فض إشتباك ودعنا ننعم بالحُب الكبير الذي بيننا دون أن نُخلِف وراءنا ضحايا ودون أن نُفسد حياتنا..وها أنا جاوبتك علي السؤال الحائر الذي لم تنعم بإجابته من قبل .. .ويكفي أنني إعترفتُ لك بما تُحب وما أُحب#بقلمي/محمد السعيد بصلة

هناك تعليق واحد:

سؤال. والصمت الجواب ... كلمات .. عبدالفتاح غريب

  سؤال. والصمت الجواب من أضناه بعد طول الصبر الحنين ومضى على درب ذكرى ولت بمحراب الوتين دام بحلم باللقاء يناجي نجم طيف بالرجاء حجب عن حناي...